الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً }

{ يريد الله ان يخفف عنكم } ما فى عهدتكم من مشاق التكاليف فلذلك شرع لكم الشرعة الحنيفية السمحة السهلة ورخص لكم فى المضايق كاحلال نكاح الامة وغيره من الرخص { وخلق الانسان ضعيفا } عاجزا عن مخالفة هواه غير قادر على مقابلة دواعيه وقواه حيث لا يصبر عن اتباع الشهوات ولا يستخدم قواه فى مشاق الطاعات. قال الكلبى اى لا يصبر عن النساء. قال سعيد بن المسيب ما ايس الشيطان من ابن آدم الا اتاه من قبل النساء وقد اتى علىّ ثمانون سنة وذهبت احدى عينى وانا اعشو بالاخرى وان اخوف ما اخاف على نفسى فتنة النساء. وقال ابو هريرة رضى الله عنه اللهم انى اعوذ بك من ان ازنى واسرق فقيل له كبر سنك وانت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاف على نفسك من الزنى والسرقة قال كيف آمن على نفسى وابليس حى قال الحافظ
جه جاى من كه بلغزد سبهر شعبده باز ازين حيل كه در انبانه بهانه تست   
والاشارة فى تحقيق الآيات ان الله تعالى انعم على هذه الامة بارادة اربعة اشياء. اولها التبيين وهو ان يبين لهم صراط المستقيم الى الله. وثانيا الهداية وهو ان يهديهم الى الصراط المستقيم بالعيان بعد البيان. وثالثها التوبة عليهم وهى ان يرجع بهم الى حضرته على صراط الله. ورابعها التخفيف عنهم وهو ان يوصلهم الى حضرته بالمعونة ويخفف عنهم المؤونة. وهذا مما اختص به نبينا عليه السلام وامته لوجهين. احدهما ان الله اخبر عن ذهاب ابراهيم عليه السلام الى حضرته باجتهاده وهو المؤونة بقولهإنى ذاهب إلى ربى سيهدين } الصافات 99. واخبر عن موسى عليه السلام بمجيئه وهو ايضا المؤونة وقالولما جاء موسى لميقاتنا } الأعراف 143. واخبر عن حال نبينا عليه السلام بقولهسبحان الذى أسرى بعبده ليلاً } الإسراء 1. وهو المعونة فخفف عنه المؤونة واخبر عن حال هذه الامة بقولهسنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } فصلت 53. وهو ايضا بالمعونة وهى جذبات العناية. والوجه الثانى ان النبى عليه السلام وامته مخصوصون بالوصول والوصال مخفف عنهم كلفة الفراق والانقطاع فاما النبى عليه السلام فقد خص بالوصول الى مقام قاب قوسين او ادنى وبالوصال بقولهما كذب الفؤاد ما رأى } النجم 11. وانقطع سائر الانبياء عليهم السلام فى السموات السبع كما رأى ليلة المعراج آدم فى سماء الدنيا الى ان رأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة فعبر عنهم جميعا الى كمال القرب والوصول. واما الامة فقال فى حقهم " من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا ". فهذا هو حقيقة الوصول والوصال ولكن الفرق بين النبى والولى فى ذلك ان النبى مستقل بنفسه فى السير الى الله والوصول ويكون حظه من كل مقام بحسب استعداده الكامل والولى لا يمكنه السير الا فى متابعة النبى وتسليكه فى سبيل الله

السابقالتالي
2