الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات } من لم يستطع اى من لم يجد كما يقول الرجل لا استطيع ان احج اى لا اجد ما احج به. ومنكم حال من فاعل يستيطع اى حال كونه منكم. والطول القدرة وانتصابه على انه مفعول يستطيع وان ينكح فى موضع النصب على انه مفعول القدرة والمراد بالمحصنات الحرائر بدليل مقابلتهن بالمملوكات فان حريتهن احصنتهن عن ذل الرق والابتذال وغيرهما من صفات القصور والنقصان والمعنى ومن لم يجد طول حرة اى ما يتزوج به الحرة المسلمة { فمن ما ملكت ايمانكم } فلينكح امرأة او امة من النوع الذى ملكته ايمانكم { من فتياتكم المؤمنات } حال من الضمير المقدر فى ملكت الراجع الى ما اى من امائكم المسلمات. والفتاة اصلها الشابة والفتاء بالمد الشباب والفتى الشاب والامة تسمى فتاة والعبد يسمى فتى وان كانا كبيرين فى السن لانهما لا يوقران للرق توقير الكبار ويعاملان معاملة الصغار { والله اعلم بايمانكم } تأنيس بنكاح الاماء وإزالة الاستنكاف منه اى اعلم بتفاضل ما بينكم وبين ارقائكم فى الايمان فربما كان ايمان الامة ارجح من الايمان الحرة وايمان المرأة من ايمان الرجل. فلا ينبغى للمؤمن ان يطلب الفضل والرجحان الا باعتبار الايمان والاسلام لا بالاحساب والأنساب { بعضكم من بعض } انتم وارقاؤكم متناسبون نسبكم من آدم ودينكم الاسلام كما قيل
الناس من جهة التمثال اكفاء ابوهمو آدم والام حواء   
فبينكم وبين ارقائكم المواخاة الايمانية والجنسية الدينية لا يفضل حر عبدا الا برجحان فى الايمان وقدم فى الدين { فانكحوهن بإذن أهلهن } اى واذ قد وقفتم على جلية الامر فانكحوهن باذن مواليهن ولا تترفعوا عنهن وفى اشتراط اذن الموالى دون مباشرتهم للعقد اشعار بجواز مباشرتهن له { وآتوهن اجورهن بالمعروف } اى ادوا اليهن مهورهن بغير مطل وضرار والجاء الى الافتداء واللز اى المضايقة والالحاح { محصنات } حال من مفعول فانكحوهن اى حال كونهن عفائف عن الزنى { غير مسافحات } حال مؤكدة اى غير مجاهرات به والمسافح الزانى من السفح وهو صب المنى لان غرضه مجرد صب الماء { ولا متخذات أخدان } جمع خدن وهو الصديق سرا والجمع للقابلة بالانقسام على معنى ان لا يكون لواحدة منهن خدن لا على معنى ان لا يكون لها اخدان اى غير مجاهرات بالزنى ولا مسرات له وكان زناهن فى الجاهلية من وجهين السفاح وهو بالاجر من الراغبين فيها والمخادنة وهى مع صديق لها على الخصوص وكان الاول يقع اعلانا والثانى سرا وكانوا لا يحكمون على ذات الخدن بكونها زانية ولذا افرد الله كل واحد من هذين القسمين بالذكر ونص على حرمتهما معا { فاذا احصن } اى بالتزويج { فان اتين بفاحشة } اى فعلن فاحشة وهى الزنى { فعليهن } فثابت عليهن شرعا { نصف ما على المحصنات } اى الحرائر الابكار { من العذاب } من الحد الذى هو جلد مائة فنصفه خمسون كما هو كذلك قبل الاحصان فالمراد بيان عدم تفاوت حدهن بالاحصان كتفاوت حد الحرائر ولا رجم عليهن لان الرجم لا ينتصف وجعلوا حد العبد مقيسا على الامة والجامع بينهما الرق والاحصان عبارة عن بلوغ مع عقل وحرية ودخول فى نكاح صحيح واسلام خلافا للشافعى فى الاسلام { ذلك } اى نكاح المملوكات عند عدم الطول لمن { خشى العنت منكم } اى خاف الزنى وهو فى الاصل انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر اعظم من موافقة الاسم بافحش القبائح وانما سمى الزنى به لانه سبب المشقة بالحد فى الدنيا والعقوبة فى العقبى { وان تصبروا } اى عن نكاحهن متعففين كافين انفسكم عما تشتهيه من المعاصى { خير لكم } من نكاحهن وان سبقت كلمة الرخصة فيه لما فيه من تعريض الولد للرق ولان حق المولى فيها فلا تخلص للزوج خلوص الحرائر ولان المولى يقدر على استخدامها كيف ما يريد فى السفر والحضر وعلى بيعها للحاضر والبادى.

السابقالتالي
2 3