الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً }

{ وآتوا اليتامى اموالهم } اليتامى جمع يتيم وهو من الناس المنفرد عن الاب بموته ومن سائر الحيوانات عن الام وحق هذا الاسم ان يقع على الصغير والكبير لبقاء معنى الانفراد عن الاب الا انه غلب استعماله فى الصغير لاستغناء الكبير بنفسه عن الكافل فكأنه خرج عن معنى اليتم وهو الانفراد والمراد بايتاء اموالهم قطع المخاطبين اطماعهم الفارغة عنها وكف اكفهم الخاطفة عن اختزالها وتركها على حالها غير متعرض لها بسوء حتى تأتيهم وتصل اليه سالمة لا الاعطاء بالفعل فانه مشروط بالبلوغ وايناس الرشد وانما عبر عما ذكر بالايتاء مجازا للايذان بانه ينبغى ان يكون مرادهم بذلك ايصالها اليهم لا مجرد ترك التعرض لها والمعنى ايها الاولياء والاوصياء احفظوا اموال اليتامى ولا تتعرضوا لها بسوء وسلموها اليهم وقت استحقاقهم تسليمها اليهم { ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب } تبدل الشىء بالشىء واستبداله به اخذ الاول بدل الثانى بعد ان كان حاصلا له او فى شرف الحصول اى لا تستبدلوا الحلال المكتسب بالحرام المغتصب يعنى لا تستبدلوا مال اليتامى وهو حرام بالحلال وهو مالكم وما ابيح لكم من المكاسب ورزق الله المبعوث فى الارض فتأكلوه مكانه { ولا تأكلوا اموالهم الى اموالكم } المراد من الاكل التصرف لان اكل مال اليتيم كما يحرم فكذا سائر التصرفات المهلكة لتلك الاموال محرمة والدليل عليه ان فى المال ما لا يصح ان يؤكل وانما ذكر الاكل لانه معظم ما يقع لاجله التصرف والى بمعنى مع قال تعالىمن انصارى الى الله } آل عمران 52. اى مع الله والاصح ان المعنى لا تأكلوها مضمومة الى اموالكم ولا تسووا بينهما وهذا حلال وذاك حرام وقد خص من ذلك مقدار اجر المثل عند كون الولى فقيرا واذا اكل مال اليتيم وله مال كان ذلك اقبح ولذا ورد النهى عن اكله مع مال نفسه بعد ان قال ولا تتبدلوا الخ { انه } اى الاكل المفهوم من النهى { كان حوبا كبيرا } اى ذنبا عظيما عند الله فاجتنبوه " ـ روى ـ ان رجلا من بنى غطفان كان معه مال كثير لابن اخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا الى النبى عليه السلام فنزلت هذه الآية فلما سمع العم قال اطعنا الله واطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع اليه ماله فقال النبى صلى الله عليه وسلم " من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فانه يحل داره ". يعنى جنته فلما قبض الفتى ماله انفقه فى سبيل الله فقال عليه السلام " ثبت الاجر وبقى الوزر ". فقالوا كيف بقى الوزر فقال " ثبت الاجر للغلام وبقى الوزر على والده ".

السابقالتالي
2