الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }

{ يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها } مصدر فى موضع الحال من النساء كان الرجل اذا مات قريبه يلقى ثوبه على امرأته او على خبائها ويقول ارث امرأته كما ارث ماله فيصير بذلك احق بها من كل احد ثم ان شاء تزوجها بصداقها الاول وان شاء زوجها غيره واخذ صداقها ولم يعطها منه شيئاً وان شاء عضلها اى حبسها وضيق عليها لتفتدى بما ورثت من زوجها وان ذهبت المرأة الى اهلها قبل القاء الثوب فهى احق بنفسها فنهوا عن ذلك وقيل لهم لا يحل لكم ان تأخذوهن بطريق الارث على زعمكم كما تحاز المواريث وهن كارهات لذلك { ولا تعضلوهن } عطف على ترثوا ولا لتأكيد النفى والخطاب للازواج. والعضل الحبس والتضييق وداء عضال ممتنع عسر العلاج وكان الرجل اذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة والقهر وضيق عليها لتفتدى منه بمالها وتخلع فقيل لهم ولا تعضلوهن اى لا تضيقوا عليهن { لتذهبوا ببعض ما تيتموهن } اى من الصداق بان يدفعن اليكم بعضه اضطرارا فتأخذوه منهن { الا ان يأتين بفاحشة مبينة } من بين بمعنى تبين اى القبح من النشوز وشكاسة الخلق وايذاء الزوج واهله بالبذاء اى الفحش والسلاطة اى حدة اللسان او الفاحشة الزنى وهو استثناء من اعم الاحوال او اعم الاوقات او اعم العلل ولايحل لكم عضلهن فى حال من الاحوال او فى وقت من الاوقات او لعلة من العلل الا فى حال اتيانهن بفاحشة او الا فى وقت اتيانهن بها او الا لاتيانهن بها فان السبب حينئذ يكون من جهتهن وانتم معذورون فى طلب الخلع { وعاشروهن بالمعروف } خطاب للذين يسيئون العشرة معهن. والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة والمراد ههنا النصفة فى المبيت والنفقة والاجمال فى القول ونحو ذلك { فان كرهتموهن } وسئمتم صحبتهن بمقتضى الطبيعة من غير ان يكون من قبلهن ما يوجب ذلك من الامور المذكورة فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس واصبروا على معاشرتهن { فعسى ان تكرهوا شيأ ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } والمراد بالخير الكثير ههنا الولد الصالح او المحبة والألفة والصلاح فى الدين وهو علة للجزاء اقيمت مقامه للايذان بقوة استلزامها اياه كأنه قيل فان كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة فلعل لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا ليس فيما تحبونه. وعسى تامة رافعة لما بعدها مستغنية عن تقدير الخبر اى فقد قربت كراهتك شيئاً وجعل الله فيه خيرا كثيرا فان النفس ربما تكره ما هو اصلح فى الدين واحمد عاقبة وادنى الى الخير وتحب ما هو بخلافه فليكن نظركم الى ما فيه خير وصلاح دون ما تهوى انفسكم.

السابقالتالي
2 3