الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }

{ وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله } وصفهم له عليه الصلاة والسلام برسول الله انما هو بطريق الاستهزاء به كما فى قوله تعالىيا أيها الذى نزل عليه الذكر } الحجر 6. فانهم على عداوته وقتله فكيف يقولون فى حقه انه رسول الله ونظم قولهم هذا فى سلك سائر جناياتهم ليس لمجرد كونه كذبا بل لتضمنه لابتهاجهم وفرحهم بقتل النبى والاستهزاء به { وما } اى والحال انهم ما { قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } اى وقع لهم التشبيه بين عيسى والمقتول فالفعل مسند الى الجار والمجرور نحو خيل اليه وليس عليه ـ روى ـ ان رهطا من اليهود سبوه بان قالوا هو الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة فقذفوه وامه فلما سمع عليه الصلاة والسلام ذلك دعا عليهم فقال اللهم انت ربى وانا من روحك خرجت وبكلمتك خلقتنى ولم آتهم من تلقاء نفسى اللهم فالعن من سبنى وسب امى فاستجاب الله دعاءه ومسخ الذين سبوه وسبوا امه قردة وخنازير فلما رأى ذلك يهودا رأس القوم واميرهم فزع لذلك وخاف دعوته عليه ايضا فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى عليه السلام فبعث الله تعالى جبريل فاخبره بانه يرفعه الى السماء فقال لاصحابه أيكم يرضى بان يلقى عليه شبهى فيقتل ويصلب ويدخل الجنة فقال رجل منهم انا فالقى الله عليه شبهه فقتل وصلب. وقيل كان رجل ينافق عيسى عليه السلام فلما ارادوا قتله قال انا ادلكم عليه فدخل بيت عيسى فرفع عليه السلام والقى شبهه على المنافق فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون انه عيسى وقيل ان ططيانوس اليهودى دخل بيتا كان هو فيه فلم يجده فالقى الله تعالى شبهه عليه فلما خرج ظنوا انه عيسى فاخذ وقتل ثم صلب وامثال هذه الخوارق لا يستبعد فى عصر النبوة. وقال كثير من المتكلمين ان اليهود لما قصدوا قتله رفعه الله الى السماء فخاف رؤساء اليهود من وقوع الفتنة بين عوامهم فاخذوا انسانا وقتلوه وصلبوه ولبسوا على الناس انه هو المسيح والناس ما كانوا يعرفون المسيح الا بالاسم لما كان قليل المخالطة مع الناس فبهذا الطريق اندفع ما يقال اذا جاز ان يقال ان الله تعالى يلقى شبه انسان على انسان آخر فهذا يفتح باب السفسطة حيث يجوز ان يقال اذا رأينا زيدا لعله ليس بزيد ولكنه شخص آخر القى شبه زيد عليه وعند ذلك لا يبقى الطلاق والنكاح والملك موثوقا به. لا يقال ان النصارى ينقلون عن اسلافهم انهم شاهدوه مقتولا لانا نقول ان تواتر النصارى ينتهى الى اقوام قليلين لا يبعد اتفاقهم على الكذب كذا فى تفسير الامام الرازى { وان الذين اختلفوا فيه } اى فى شأن عيسى عليه السلام فانه لما وقعت تلك الواقعة اختلف الناس.

السابقالتالي
2