الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }

{ يا ايها الذين آمنوا } خطاب لكافة المسلمين { آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى انزل من قبل } اى اثبتوا على الايمان بذلك ودوموا عليه وازدادوا فيه طمأنينة ويقينا او آمنوا بما ذكر مفصلا بناء على ان ايمان بعضهم اجمالى. فان قلت لم قيل نزل على رسوله وانزل من قبل. قلت لان القرآن نزل منجما مفرقا بخلاف الكتب قبله فالمراد بالكتاب الاول القرآن وبالثانى الجنس المنتظم لجميع الكتب السماوية لقوله تعالى { وكتبه } وبالايمان به الايمان بان كل كتاب من تلك الكتب منزل منه على رسول معين لارشاد امته الى ما شرع لهم من الدين بالاوامر والنواهى لكن لا على ان يراد الايمان بكل واحد من تلك الكتب بل خصوصية ذلك الكتاب ولا على ان احكام تلك الكتب وشرائعها باقية بالكلية ولا على ان الباقى منها معتبر بالاضافة اليها بل على ان الايمان بالكل مندرج تحت الايمان بالكتاب المنزل على رسوله وان احكام كل منها كانت حقة ثابتة الى ورود نسخها وان ما لم ينسخ منها الى الآن من الشرائع والاحكام ثابتة من حيث انها من احكام هذا الكتاب الجليل المصون عن النسخ والتبديل. وقيل الخطاب للمنافقين كانه قيل يا ايها الذين آمنوا نفاقا وهو ما كان بالالسنة فقط آمنوا اخلاصا وهو ما كان بها وبالقلوب. وقيل الخطاب لمؤمنى اهل الكتاب اذ روى ان ابن سلام واصحابه قالوا يا رسول الله انا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه فنزلت فالمعنى حينئذ آمنوا ايمانا عاما شاملا يعم الكتب والرسل فان الايمان بالبعض كلا ايمان { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر } اى بشىء من ذلك لان الكفر ببعضه كفر بكله ألا ترى كيف قدم الامر بالايمان بهم جميعا وزيادة الملائكة واليوم الآخر فى جانب الكفر لما انه بالكفر باحدها لا يتحقق الايمان اصلا وجمع الكتب والرسل لما ان الكفر بكتاب او برسول كفر بالكل وتقديم الرسول فيما سبق لذكر الكتاب بعنوان كونه منزلا عليه وتقديم الملائكة والكتب على الرسل لانهم وسائط بين الله وبين الرسل فى انزال الكتب { فقد ضل ضلالا بعيدا } عن المقصد بحيث لا يكاد يعود الى طريقه. قالوا اول ما يجب على المرء معرفة مولاه اى يجب على كل انسان ان يسعى فى تحصيل معرفة الله تعالى بالدليل والبرهان فان ايمان المقلد وان كان صحيحا عند الامام الاعظم لكن يكون آثما بترك النظر والاستدلال فاول الامر هو الحجة والبرهان ثم المشاهدة والعيان ثم الفناء عن سوى الرحمان. فمرتبة العوام فى الايمان ما قال عليه السلام " ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت والجنة والنار والقدر خيره وشره ".

السابقالتالي
2