الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }

{ ومن } استفهام انكارى { احسن دينا } الدين والملة متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار فان الشريعة من حيث انها يطاع لها دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة والاملال بمعنى الاملاء { ممن اسلم وجهه لله } اى جعل نفسه وذاته سالمة خالصة لله تعالى بان لم يجعل لاحد حقا فيها لا من جهة الخالقية والمالكية ولا من جهة العبودية والتعظيم. وقوله دينا نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن دينه احسن من دين من اسلم الخ فالتفضيل فى الحقيقة جار بين الدينين لا بين صاحبيهما { وهو محسن } الجملة حال من فاعل اسلم اى والحال انه آت بالحسنات تارك للسيآت وقد فسره النبى عليه السلام بقوله " ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ". والاحسان حقيقة الايمان. واعلم ان دين الاسلام مبنى على امرين الاعتقاد والعمل فالله سبحانه اشار الى الاول بقوله { اسلم وجهه لله } والى الثانى بقوله { وهو محسن } اى فى الانقياد لربه بان يكون آتيا بجميع ما كلفه به على وجه الاجلال والخشوع { واتبع ملة ابراهيم } الموافقة لدين الاسلام المتفق على صحتها وقبولها بين الاديان كلها بخلاف ملة موسى وعيسى وغيرهما من الانبياء عليهم السلام { حنيفا } حال من فاعل اتبع اى مائلا عن الاديان الزائغة ثم ان الله تعالى رغب فى اتباع ملته فقال { واتخذ الله ابراهيم خليلا } اى اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله والخلة من الخلال فانه ودّ تخلل النفس وخالطها.