الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً }

{ ولأضلنهم } عن الحق واضلاله وسواس ودعاء الى الباطل ولو كان اليه شىء من الضلالة سوى الدعاء اليها لأضل جميع الخلق ولكنه لما قال عليه السلام فى حقه " خلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء ". يعنى انه يزين للناس الباطل وركوب الشهوات ولا يخلق لهم الضلالة { ولأمنينهم } الامانى الباطلة بان يخيل للانسان ادراك ما يتمناه من المال وطول العمر. وقيل يمنى الانسان اى يوهمه انه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا عقاب ولا حساب. وقيل بان يوهمه انه ينال فى الآخرة حظا وافرا من فضل الله ورحمته { ولآمرنهم } بالبتك اى القطع والشق { فليبتكن آذان الانعام } اى فليقطعنها بموجب امرى ويشقنها من غير تلعثم فى ذلك ولا تأخير يقال بتكه اى قطعه ونقل الى بناء التفعيل اى التبتيك للتكثير. واجمع المفسرون على ان المراد به ههنا قطع آذان البحائر والسوائب والانعام الابل والبقر والغنم اى لاحملنهم على ان يقطعوا آذان هذه الاشياء ويحرموها على انفسهم بجعلها للاصنام وتسميتها بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا وكان اهل الجاهلية اذا انتجت ناقة احدهم خمسة ابطن وكان آخرها ذكرا بحروا اذنها وامتنعوا من ركوبها وحلبها وذبحها ولا تطرد عن ماء ولا تمنع عن مرعى واذا لقيها المعيى لم يركبها وقيل كانوا يفعلون ذلك بها اذا ولدت سبعة ابطن والسائبة المخلاة تذهب حيث شاءت وكان الرجل منهم يقول ان شفيت فناقتى سائبة او يقول ان قدم غائبى من السفر او ان وصلت الى وطنى او ان ولدت امرأتى ذكرا او نحو ذلك فناقتى سائبة كالبحيرة وكذا من كثر ماله يسيب واحدة منها تكرّما وكانت لا ينتفع بشىء منها ولا تمنع عن ماء ومرعى الى ان تموت فيشترك فى اكلها الرجال والنساء. والوصيلة هى من الغنم اذا ولدت سبعة ابطن فان كان الولد السابع ذكرا ذبحوه لآلتهم وكان لحمه للرجال دون النسان وان كان انثى كانوا يستعملونها وكانت بمنزلة سائر الغنم وان كان ذكرا وانثى قالوا ان الاخت وصلت اخاها فلا يذبحون اخاها من اجلها وجرى مجرى السائبة وكانت المنفعة للرجال دون النساء فهى فعيلة بمعنى فاعلة والحامى هو البعير الذى ولد ولد ولده وقيل هو الفحل من الابل اذا ركب ولد ولده قالوا له انه قد حمى ظهره فيهمل ولا يركب ولا يمنع عن الماء والمرعى واذا مات يأكله الرجال والنساء { ولآمرنهم } بالتغيير { فليغيرن خلق الله } عن نهجه صورة وصفة. ويندرج فيه امور. منها فقىء عين الحامى وكانت العرب اذا بلغت ابل احدهم الفا عوّروا عين فحلها والحامى الفحل الذى طال مكثه عندهم. ومنها خصاء العبيد وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا فى خصاء البهائم لمكان الحاجة ومنعوه فى بنى آدم وعند ابى حنيفة يكره شراء الحصيان واستخدامهم لان الرغبة فيهم تدعو الى خصائهم.

السابقالتالي
2 3