الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }

{ ها أنتم } مبتدأ { هؤلاء } خبره والهاء فى اول كل منهما للتنبيه والجملة التى بعد هذه الجملة مبينة لوقوع اولاء خبرا كما تقول لبعض الاسخياء انت حاتم تجود بمالك وتؤثر على نفسك والخطاب مع قوم من المؤمنين كانوا يذبون عن طعمة وعن قومه بسبب انهم كانوا فى الظاهر من المسلمين { جادلتم عنهم فى الحيوة الدنيا } المجادلة اشد المخاصمة والمعنى هبوا انكم خاصمتم عن طعمة وعن قومه فى الدنيا { فمن يجادل الله عنهم يوم القيمة } فمن يخاصم عنهم فى الآخرة اذا اخذهم الله بعذابه { أم من يكون عليهم وكيلا } حافظا وحاميا من بأس الله وانتقامه. وفى التأويلات النجمية وكيلا يتكلم بوكالتهم يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والامر يومئذ لله قال السعدى قدس سره
دران روز كز فعل برسند وقول اولوا العزم را تن بلرزد زهول بجايى كه دهشت خورد انبيا تو عذر كنه را جه دارى بيا   
فعلى العبد ان يتوب قبل الموت من كل معصية توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصيره فى فرائض الله ويرد المظالم الى اهلها حبة حبة ويستحل كل من تعرض له بلسانه شتما او قذفا او استهزاء او غيبة ويده ضربا وسوء ظنه بقلبه ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه فريضة ولا مظلمة فما اشد فرحك اليوم بتمضمضك باعراض الناس وتناولك اموالهم وما اشد حسرتك فى ذلك اليوم اذا وقف بك على بساط العدل وشوفهت بخطاب السيآت وانت مفلس فقير عاجز مهين لا تقدر على ان ترد حقا او تظهر عذرا فكيف بك يا مسكين فى يوم ترى فيه صحيفتك خالية عن حسنات طال فيها تعبك فتقول أين حسناتى فيقال نقلت الى صحيفة خصمائك فتوهن نفسك يا اخى اذا تطايرت الكتب ونصبت الموازين وقد نوديت باسمك على رؤس الخلائق أين فلان ابن فلان هلم الى العرض على الله وقد وكلت الملائكة باخذك فقربتك الى الله لا يمنعها اشتباه الاسماء باسمك اذا عرفت انك المراد بالدعاء اذا فزع النداء قلبك فعلمت انك المطلوب فارتعدت فرائصك واضطربت جوارحك وتغير لونك وطار قلبك تخطى بك الصفوف الى ربك للعرض عليه والوقوف بين يديه وقد رفع الخلائق اليك أبصارهم وانت فى ايديهم وقد طار قلبك واشتد رعبك لعلمك اين يراد بك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤمر بنفر من الناس يوم القيامة الى الجنة حتى اذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظروا الى قصورها والى ما اعد الله تعالى لاهلها ثم نودوا ان اصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الاولون والآخرون بمثلها فيقولون يا ربنا لو ادخلتنا النار قبل ان ترينا ما أريتنا من ثواب ما اعددت لاوليائك فيقول الله تعالى ذاك اردت بكم كنتم اذا خلوتم بى بارزتمونى بالعظائم فاذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ترون الناس خلاف ما ينطوى عليه قلوبكم هبتم الناس ولم تهابونى اجللتم الناس ولم تجلونى تركتم للناس ولم تتركوا لى ".

السابقالتالي
2