الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }

{ انا أنزلنا اليك الكتاب } اى القرآن انزالا { بالحق } ـ روى ـ ان رجلا من الانصار يقال له طعمة بن ابيرق من بنى ظفر سرق درعا من جاره قتادة ابن النعمان فى جراب دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه فخبأها عند زيد بن السمين اليهودى فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما اخذها وماله بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى الى منزل اليهودى فاخذوها فقال دفعها الى طعمة وشهد له ناس من اليهود على ذلك فقالت بنوا ظفر انطلقوا بنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه ان يجادل اليهودى ليدفع فضيحة البهتان عن صاحبهم طعمة وقالوا له عليه السلام ان يعاقب اليهودى ويقطع يده بناء على شهادة قوم طعمة على براءته وعلى ان اليهودى هو السارق ولم يظهر له عليه السلام ما يوجب القدح فى شهادتهم بناء على كون كل واحد من الشاهد والمشهود له من المسلمين ظاهرا فلذلك مال طبعه الى نصرة الخائن والذب عنه الا انه لم يحكم بذلك بل توقف وانتظر الوحى فنزلت الآية ناهية عنه ومنبهة على ان طعمة وشهوده كاذبون وان اليهودى هو بريىء من ذلك الجرم { لتحكم بين الناس بما اراك الله } اى بما عرفك واوحى به اليك. فاراك ليس من الرؤية البصرية ولا من التى بمعنى العلم والا لاستدعى ثلاثة مفاعيل بل هو منقول من رأيت بمعنى الاتقاد والمعرفة وسميت المعرفة الذكورة رؤية لكونها جارية مجرى الرؤية فى القوة والظهور والخلوص من وجوه الريب { ولا تكن } اى فاحكم به ولا تكن { للخائنين } اى لاجلهم والذب عنهم وهم طعمة ومن يعينه فانه روى ان قومه علموا ان تلك السرقة عمل طعمة بناء على انه سارق فى الجاهلية لكنهم بيتوا طول ليلهم واتفقوا على ان يشهدوا بالسرقة على اليهودى دفعا عن طعمة عقوبة السرقة فلذلك وصفهم الله جميعا بالخيانة او المراد بالخائنين هو وكل من يتسير بسيرته { خصيما } اى مخاصما للبراء اى لا تخاصم اليهودى لاجلهم.