الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً }

{ واذا ضربتم فى الارض } شروع فى بيان كيفية الصلاة عند الضرورات من السفر ولقاء العدو والمطر والمرض اى اذا سافرتم أى مسافرة كانت للهجرة او للجهاد او لغيرهما { فليس عليكم جناح } اى حرج ومأثم فى { ان تقصروا } شيئاً { من الصلوة } فهو صفة لمحذوف والقصر خلاف المد يقال قصرت الشىء اى جعلته قصيرا بحذف بعض اجرائه واوصافه فمتعلق القصر حقيقة انما هو ذلك الشىء لا بعضه فانه متعلق الحذف دون القصر وعلى هذا فقوله من الصلوة ينبغى ان يكون مفعولا لتقصروا على زيادة من حسبما رآه الاخفش واما على تقدير ان تكون تبعيضية ويكون المفعول محذوفا كما هو رأى سيبويه اى شيئاً من الصلاة فينبغى ان يصار الى وصف الجزء بصفة الكل والمراد قصر الرباعيات بالتنصيف فانها تصلى فى السفر ركعتين فالقصر انما يدخل فى صلاة الظهر والعصر والعشاء دون المغرب والفجر وادنى مدة السفر الذى يجوز فيه القصر عند ابى حنيفة رحمه الله مسيرة ثلاثة ايام ولياليها الايام للمشى والليالى للاستراحة بسير الابل ومشى الاقدام بالاقتصاد ولا اعتبار بابطاء الضارب اى المسافر السائر واسراعه فلو سار مسيرة ثلاثة ايام ولياليهن فى يوم قصر ولو سار مسيرة يوم فى ثلاثة ايام لم يقصر ثم تلك المسيرة ستة برد جمع بريد كل بريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة اميال باميال هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذى قدر اميال البادية كل ميل اثنا عشر الف قدم وهى اربعة آلاف خطوة فان كل ثلاثة اقدام خطوة. وظاهر الآية الكريمة التخيير بين القصر والاتمام وان الاتمام افضل لكن عندنا يجب القصر لا محالة خلا ان بعض مشايخنا سماه عزيمة وبعضهم رخصة اسقاط بحيث لا مساغ للاتمام لا رخصة توفية اذ لا معنى للتخيير بين الاخف والأثقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدقة تصدق الله بها عليكم " وهو يدل على عدم جواز الا كمال لان التصدق بما لا يحتمل التمليك اسقاط محض لا يحتمل الرد فليس لنا الا التدين بما شرع الله والعمل بما حكم. قال فى الاشباه القصر للمسافر عندنا رخصة اسقاط بمعنى العزيمة بمعنى ان الاتمام لم يبق مشروعا حتى اثم به وفسدت لو اتم ومن لم يقعد على رأس العزيمة فسدت صلاته لاتصال النافلة بها قبل كمال اركانها وان قعد فى آخر الركعة الثانية قدر التشهد اجزأته الاخريان نافلة ويصير مسيئا بتأخير السلام. قال فى تفسير الحدادى المسافر اذا صلى الظهر اربعا ولم يقعد فى الثانية قد التشهد فسدت صلاته كمصلى الفجر اربعا انتهى. فان قلت فما تصنع بقوله { فليس عليكم جناح ان تقصروا } فلم ورد ذلك بنفى الجناح قلت لما انهم الفوا الاتمام فكانوا مظنة ان يخطر ببالهم ان عليهم نقصانا فى القصر فصرح بنفى الجناح عنهم لتطيب به نفوسهم ويطمئنوا اليه كما فى قوله تعالى

السابقالتالي
2