الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ امن } بالتشديد على ان اصله ام من والاستفهام بمعنى التقرير والمعنى الكافر القاسى الناسى خير حالا واحسن مالا ام من وهو عثمان بن عفان رضى الله عنه على الاشهر ويدخل فيه كل من كان على صفة التزكية ومن خفف الميم تبع المصحف لان فيه ميما واحدة فالالف للاستفهام دخلت على من ومعناه ام من { هو قانت } كمن ليس بقانت. القنوت يجيىء على معانى. منها الدعاء فقنوت الوتر دعاؤه واما دعاء القنوت فالاضافة فيه بيانية كما فى حواشى اخى جلبى. ومنها الطاعة كما فى قوله تعالىوالقانتات } ومنها القيام فالمصلى قانت اى قائم وفى الفروع وطول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام " افضل الصلاة طول القنوت " اى القيام كما فى الدرر وفى الحديث " مثل المجاهد فى سبيل الله كمثل القانت الصائم " يعنى المصلى الصائم كما فى كشف الاسرار. والتعقيب بآناء الليل وبساجدا وقائما يخصصه اى القنوت بالقيام فالمعنى ام من هو قائم { آناء الليل } اى فى ساعاته واحده انى بكسر الهمزة وفتحها مع فتح النون وهو الساعة وكذا الانى والانو بالكسر وسكون النون يقال مضى انوان وانيان من الليل اى ساعتان { ساجدا } حال من ضمير قانت اى حال كونه ساجدا { وقائما } تقديم السجود على القيام لكونه ادخل فى معنى العبادة والواو للجمع بين الصفتين. والمراد بالسجود والقيام الصلاة عبر عنها بهما لكونهما من اعظم اركانها. فالمعنى قانت اى قائم طويل القيام فى الصلاة كما يشعر به آناء الليل لانه اذا قام فى ساعات الليل فقد اطال القيام بخلاف من قام فى جزء من الليل { يحذر الآخرة } حال اخرى على الترادف او التداخل او استئناف كأنه قيل ما باله يفعل القنوت فى الصلاة فقيل يحذر عذاب الآخرة لايمانه بالبعث { ويرجو رحمة ربه } اى المغفرة او الجنة لا انه يحذر ضرّ الدنيا ويرجو خيرها فقط كالكافر. وفى التأويلات النجمية يشير الى القيام باداء العبودية ظاهرا وباطنا من غير فتور ولا تقصير { يحذر الآخرة } ونعيمها كما يحذر الدنيا وزينتها { ويرجو رحمة ربه } لا نعمة ربه انتهى. ودلت الآية على ان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة ربه لعمله ويحذر عذابه لتقصيره فى عمله. ثم الرجاء اذا جاوز حدّه يكون امنا والخوف اذاجاوز حدّه يكون اياسا وكل منهما كفر فوجب ان يعتدل كما قال عليه السلام " لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا "
كرجه دارى طاعتى ازهيبتش ايمن مباش وركنه دارى زفيض رحمتش دل برمدار نيك ترسان شوكه قهراوست بيرون ازقياس باش بس خوش دل كه لطف اوست افزون ازشمار   
ثم فى الآية تحريض على صلاة الليل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال من احب ان يهوّن الله عليه الموقف يوم القيامة فليره الله فى سواد الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه كما فى تفسير الحدادى.

السابقالتالي
2 3 4 5