الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

{ ان تكفروا } به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة الموجبة للايمان والشكر. والخطاب لاهل مكة كما في الوسيط والظاهر التعميم لكل الناس كما فى قوله تعالىان تكفروا انتم ومن فى الارض جميعا } { فان الله غنى عنكم } وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذى يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته { ولا يرضى لعباده الكفر } وان تعلقت به ارادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى. وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده. واعلم ان الرضى ترك السخط والله تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعد له جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة اذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فالله تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال. وقال ابن عباس رضى الله عنهما والذى لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قولهان عبادى ليس لك عليهم سلطان } فيكون عاما مخصوصا كقولهعينا يشرب بها عباد الله } يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان الله يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصى كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن. ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدرى باشارة علماء الشأم بقوله ان الله لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن الله قادرا على دفع الكفر عن الكفار يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان. وفى الاسئله المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه الله تعالى للكافر قلنا ان الله تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الاطلاق. وتكلف بعض اهل الاصول فقال ان الله تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالىوالله لا يحب الفساد } والاليق باهل الزمان والابعد عن التشنيع والاقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا. يقول الفقير ان رضى الله بكفر الكافر ومعصية العاصى اختياره وارادته له فى الازل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى

السابقالتالي
2 3