الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

{ ولقد اوحى اليك والى الذين من قبلك } اى من الرسل عليهم السلام { لئن اشركت } فرضا وبالفارسية اكر شرك آرى وافراد الخطاب باعتبار كل واحد { ليحبطن عملك } اى ليبطلن ثواب عملك وان كنت كريما على { ولتكونن من الخاسرين } فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والاخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والايذان بغاية شناعة الاشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه. قال التفتازانى فالمخاطب هو النبى عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضى ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الاشراك بانه قد حبطت اعمالهم وكانوا من الخاسرين. وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره. وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا ادب من الله لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان الله تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار. وقال الكاشفى واصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر بيغمبرانند وازروى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هريك را مىفرمايد كه اكر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار توكه دروقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد ازوقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد. قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الاحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الاشراك منهم اشد واقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالىومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم } فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعى ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه ام لم يمت. وفى المفردات حبط العمل على اضرب. احدها ان تكون الاعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما اشار اليه تعالى بقولهوقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } والثانى ان تكون اعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله تعالى كما روى " يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارىء وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار " والثالث ان تكون اعمالا صالحة لكن بازائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى. وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الانسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء ابواب خزائن قهر الله على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير الله بنظر المحبة ويثبت معه فى الابداع سواه