الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ الله يتوفى الانفس حين موتها } يقال توفاه الله قبض روحه كما فى القاموس والانفس جمع نفس بسكون الفاء وهى النفس الناطقة المسماة عند اهل الشرع بالروح الاضافى الانسانى السلطانى فسميت نفسا باعتبار تعلقها بالبدن وانصياعها باحكامه والتلبس بغواشيه وروحا باعتبار تجردها فى نفسها ورجوعها الى الله تعالى. فالنفس ناسوتية سفلية والروح لاهوتية علوية. قالوا الروح الانسانى جوهر بسيط محرك للجسم وليس هو حالا فى البدن كالحلول السريانى ولا كالحلول الجوارى ولكن له تعلق به تعلق التدبير والتصرف والروح الحيوانى اثر من آثار هذا الروح على ما سبق منى تحقيقه فى سورة الاسراء عند قوله تعالىقل الروح من امر ربى } فهو من الروح الانسانى كالقمر من الشمس فى استفاضة النور والبهائم تشارك فيه الانسان وهو الروح الذى يتصرف فى تعديله وتقويته علم الطب ولا يحمل الامانة والمعرفة والتراب يأكل محله وهو البدن العامى لان الله تعالى حرم على الارض ان تأكل اجساد الانبياء والصديقين والشهداء بخلاف الروح الانسانى فانه حامل الامانة والمعرفة والايمان ويتصرف فيه علم الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة بتوسط الحكماء الالهيين ولا يأكله التراب وهو باعتبار كونه نفسا هو النبى والولى والمشار اليه بانا والمدرج فى الخرقة بعد مفارقته عن البدن والمسئول فى القبر والمثاب والمعاقب وليس له علاقة مع البدن سوى ان يستعمله فى كسب المعارف بواسطة شبكة الحواس فان البدن آلته ومركبه وشبكته وبطلان الآلة والمركب والشبكة لا يوجب بطلان الصياد نعم بطلب الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانها غنيمة اذ يتخلص من حملها وثقلها ولذا قال عليه السلام " الموت تحفة المؤمن " اما لو بطلت الشبكة قبل الصيد فقط عظمت فيه الحسرة والندامة ولذا يقول المقصرونرب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت } الآية. والموت زوال القوة الحساسة كما ان الحياة وجود هذه القوة ومنه سمى الحيوان حيوانا ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيوانى الذى محله الدماغ كما ان محل الروح الانسانى القلب الصنوبرى ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه وان كانت الارواح البشرية متحيزة عند اهل السنة. ثم ان الانسان ما دام حيا فهو انسان بالحقيقة فاذا مات فهو انسان بالمجاز لان انسانيته فى الحقيقة انما كانت بتعلق الروح الانسانى وقد فارقه وفى المثنوى
جان زريش وسبلت تن فارغست ليك تن بى جان بود مرداريست   
ومعنى الآية يقبض الله الارواح الانسانية عن الابدان بان يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت فيزول الحس والحركة عن الابدان وتبقى كالخشب اليابس ويذهب العقل والايمان والمعرفة مع الارواح. وفى الوسيط { حين موتها } اى حين موت ابدانها واجسادها على حذف المضاف. يقول الفقير ظاهره يخالف قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4