الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }

{ الله نزل احسن الحديث } هو القرآن الكريم الذى لا نهاية لحسنه ولا غاية لجمال نظمه وملاحة معانيه وهو احسن مما نزل على جميع الانبياء والمرسلين واكمله واكثره احكاما. وايضا احسن الحديث لفصاحته واعجازه. وايضا لانه كلام الله وهو قديم وكلام غيره مخلوق محدث. وايضا لكونه صدقا كله الى غير ذلك سمى حديثا لان النبى عليه السلام كان يحدّث به قومه ويخبرهم بما ينزل عليه منه فلا يدل على حدوث القرآن فان الحديث فى عرف العامة الخبر والكلام. قال فى المفردات كل كلام يبلغ الانسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث ـ روى ـ ان اصحاب رسول الله عليه السلام ملوا ملة فقالوا له عليه السلام حدثنا حديثا او لو حدثتنا يعنى جه شودكه براى ماسخنى فرمايند وكام طوطيان ارواح مستمعان را بحديث ازل شكر بار وشيرين كردانند سرمايه حيات ابد اهل ذوق را دريك حكايت ازلب شكر فشان يست فنزلت هذه الآية. والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الاحاديث { كتابا } بدل من احسن الحديث { متشابها } معانيه فى الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق فى المعاد والمعاش وتناسب الفاظه فى الفصاحة وتجاوب نظمه فى الاعجاز { مثانى } صفة اخرى لكتابا ووصف الواحد وهو الكتاب بالجمع وهو المثانى باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات والانسان عروق وعظام واعصاب وهو جمع مثنى بضم الميم وتشديد النون بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وانبائه واحكامه واوامره ونواهيه ووعده ووعيده ومواعظه او لانه ثنى فى التلاوة فلا يمل كما جاء فى نعته لا يخلق على كثرة الترداد اى لا يزول رونقه ولذة قراءته واستماعه من كثرة ترداده على ألسنة التالين وتكراره على آذان المستمعين واذهان المتفكرين على خلاف ما عليه كلام المخلوق وفى القصيدة البردية
فلا تعد ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الاكثار بالسأم   
اى لا تقابل آيات القرآن مع الاكثار بالملال. وفى المفردات وسمى سور القرآن مثانى لانها تثنى على مرور الايام وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الاشياء التي تضمحل وتبطل على مرور الايام وانما تدرس الاوراق كما روى ان عثمان رضى الله عنه حرق مصحفين لكثرة قراءته فيهما. ويصح ان يقال للقران مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما جاء فى نعته ولا تنقضى عجائبه. ويجوز ان يكون ذلك من الثناء تنبيها على انه ابداء يظهر منه ما يدعو الى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم فى قولهانه لقرآن كريم } وبالمجد فى قولهبل هو قرآن مجيد }

السابقالتالي
2 3 4 5