الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

{ ألم تر } آيا نمى بينى يا محمد او يا ايها الناظر { ان الله انزل من السماء } من تحت العرش { ماء } هو المطر - روى - عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى عليه السلام انه قال " المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس " يعنى كل ماء فى الارض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه الله بين البقاع { فسلكه } يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه { ينابيع فى الارض } اى عيونا ومجارى كالعروق فى الاجساد فقوله { ينابيع } نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قولهاسلك يدك فى جيبك } وقوله { فى الارض } بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الارض ثم يخرجه شيئا فشيئا فالينابيع جميع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التى يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التى ينبع ويخرج منها الماء { ثم يخرج به } بس بيرون مى آرد بدان آب { زرعا } هو فى الاصل مصدر بمعنى الانبات عبر به عن المزروع اى مزروعا { مختلفا الوانه } اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفاته من الالوان والطعوم وغيرهما. وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة. قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الابيض والاسود وما يركب منهما ويقال تلوّن اذا اكتسى لونا غير اللون الذى كان له ويعبر بالالوان عن الاجناس والانواع يقال فلان اتى بالوان من الاحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى { ثم يهيج } اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا بالكسر ثار وهاج النبت يبس كما فى القاموس وبالفارسية بس خشك ميشود آن مزروع { فتراه مصفرا } من يبسه بعد خضرته ونضرته وبالفارسية بس مى بينى آنرا زرد شده بعد ازتازه كى وسبزى. قال الراغب الصفرة لون من الالوان التى بين السواد والبياض وهى الى البياض اقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد { ثم يجعله } اى الله تعالى { حطاما } فتاتا متكسرا كأن لم يغن بالامس وبالفارسية ريزه ريزه ودرهم شكسته يقال تحطم العود اذا تفتت من اليبس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالاخراج { ان فى ذلك } المذكور مفصلا { لذكرى } لتذكيرا عظيما والتذكير ياد دادن { لاولى الالباب } لاصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك ان حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضى والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بفتنها

السابقالتالي
2