الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ }

{ انا اخلصناهم بخالصة } تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية وعلو الرتبة. والتنكير للتفخيم اى انا جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة عظيمة الشأن لا شوب فيها { ذكرى الدار } مصدر بمعنى التذكر مضاف الى مفعوله وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة خالصة. والتقدير هى تذكرهم للدار الآخرة دائما ولا همّ لهم غيرها واطلاق الدار يعنى مرادا بها الدار الآخرة للاشعار بانها الدار فى الحقيقة وانما الدنيا معبر. فان قيل كيف يكونون خالصين لله تعالى وهم مستغرقون فى الطاعة وفيما هو سبب لها وهو تذكر الآخرة. قلت ان استغراقهم فى الطاعة انما هو لاستغراقهم فى الشوق الى لقاء الله ولما لم يكن ذلك الا فى الآخرة استغرقوا فى تذكرها وفى الآخرة آن ياد كردن سراى آخرتست جه مطمح نظر انبيا جزفوز بلقاى حضرت كبريا نيست وآن در آخرت ميسر شود. وفى التأويلات انا صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة الانانية وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية ليس لغيرنا فيهم نصيب ولا يميلون الى الغير بالمحبة العارضة لا الى انفسهم ولا الى غيرهم بسبب خصلة خالصة غير مشوبة بهمّ آخر هى ذكرى الدار الباقية والمقر الاصلى اى استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس واعراضهم عن معدن الرجس مستشرفين لانواره لا التفات لهم الى الدنيا وظلماتها اصلا انتهى. يقول الفقير اراد ان الدنيا ظلمة لانها مظهر جلاله تعالى والآخرة نور لانها مجلى جماله تعالى والتاء للتخصيص والاصل الآخر الذى هو الله تعالى ولذا يرجع العباد اليه بالآخرة