الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ }

{ ولقد فتنا سليمن } الفتنة الاختبار والابتلاء { والقينا } الالقاء الطرح { على كرسيه } الكرسى اسم لما يقعد عليه والمراد سريره المشهور وقد سبق فى سورة سبأ { جسدا }. قال فى المفردات الجسد الجسم لكنه اخص قال الخليل لا يقال الجسد لغير الانسان من خلق الارض ونحوه وايضا فان الجسد يقال لما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء. وقال فى انوار المشارق الفرق بين الجسد والبدن ان الاول يعم لذى الروح وغيره ويتناول الرأس والشوى والثانى مخصوص بذى الروح ولا يتناولهما ومن هذا قد اشتهر فيما بينهم حشر الاجساد باضافة الحشر الخاص بذى الروح الى الاجساد العامة له ولغيره دون الابدان المخصوصة وذلك لان فى اضافته الى البدن باعتبار انه لا يتناول الرأس والشوى على ما نص عليه الزمخشرى فى الفائق والخليل فى كتاب العين قصورا مخلا بحكم الاعادة بعينه واما ما فى الجسد من العموم الزائد على قدر الحاجة فمندفع بقرينة اضافة الحشر انتهى كلام الانوار والمراد به فى الآية القالب بلا روح كما سيأتى { ثم اناب } اى سليمان عليه السلام. والانابة الرجوع الى الله تعالى ـ روى ـ ان سليمان كان له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية وكان فى ظهره ماء مائة رجل اى قوتهم وهكذا انبياء الله اعطى كل منهم من القوة الجماعية ما لم يعط احد من افراد امته وكذا الولى الاكمل فان له قوة زائدة على سائر الآحاد وان لم تبلغ مرتبة قوة النبى فقال سليمان عليه السلام يوما لاطوفن الليلة على سبعين امرأة اى اجامعهن او تسعين او تسع وتسعين او مائة تأتى كل واحدة بفارس يجاهد فى سبيل الله ولم يقل ان شاء الله فقال له صاحبه اى وزيره آصف قل ان شاء الله فلم يقل فطاف عليهن تلك الليلة فلم تحمل الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد له عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فالقته القابلة على كرسيه وهو الجسد المذكور قال نبينا عليه السلام " لو قال ان شاء الله لجاهدوا فى سبيل الله فرسانا اجمعون " قال القاضى عياض رحمه الله وان سئل لم لم يقل سليمان فى تلك القصة المذكورة ان شاء الله فعنه اجوبة. اسدّها ما روى فى الحديث الصحيح انه نسى ان يقولها اى كلمة ان شاء الله وذلك لينفذ مراد الله. والثانى انه لم يسمع صاحبه وشغل عنه انتهى فمعنى ابتلائه قوله لاطوفن الخ وتركه الاستثناء ومعنى القاء الجسد على كرسيه القاء الشق المذكور عليه ومعنى انابته رجوعه الى الله تعالى عن زلته وهو تركه الاستثناء فى مثل ذلك الامر الخطير لان ترك الاولى زلة للانبياء اذ حسنات الابرار سيآت المقربين ألا ترى

السابقالتالي
2 3 4