الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ }

{ ردوها علىّ } من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى اعيدوا تلك الخيل على { فطفق مسحا بالسوق والاعناق } الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وايذانا بغاية سرعة الامتثال بالامر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى اخذ وشرع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الاغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح امرار اليد على الشىء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر اعلى الرأس او العنق قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل. والاعناق جمع عنق بالفارسية كردن والباء مزيدة كما فى قوله تعالىوامسحوا برؤسكم } فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد. والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها واعناقها اى يقطع اعناقها ويعرقب ارجلها اى هو واصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد وفى الآية اشارة الى ان حب غير الله شاغل عن الله وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى الله اذا حجبك عن الله لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف نفى لا اله الا الله
" لا " نهنكيست كائنات آشام عرش تا فرش در كشيده بكام هر كجا كرده آن نهنك آهنك ازمن وما نه بودى ماند ونه رنك   
وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر باحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا اجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما جريها واحبها لامر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفق يمسح سوقها واعناقها اى بيده حبا لها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من اعظم الاعوان فى قهر الاعداء واعلاء الدين وهو قول الزهرى وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو احق بالقبول عند اولى الافهام وفى الفتوحات المكية معنى الآية احببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده على اعناقها وسوقها فرحا واعجابا بخير ربه لا فرحا بالدنيا لان الانبياء منزهون عن ذلك وهذه تشبه ما وقع لايوب عليه السلام حين ارسل الله له جرادا من ذهب فصار يحثو فى ثوبه منه ويقول لا غنى لى عن بركتك يا رب فما احب سليمان الخير الا لكونه تعالى احب حب الخير ولذلك اشتاق اليها لما توارت بالحجاب يعنى الصافنات الجياد لكونه فقد المحل الذى اوجب له حب الخير عن ذكر ربه فقال ردوها علىّ.

السابقالتالي
2 3