الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ كتاب } خبر مبتدأ محذوف وهو عبارة عن القرآن اى هذا كتاب { انزلناه اليك } صفته { مبارك } خبر ثان للمبتدأ اى كثير المنفعة دنيا ودينا لمن آمن به وعمل باحكامه وحقائقه واشاراته فان البركة ثبوت الخير الآلهى فى الشىء والمبارك ما فيه ذلك الخير { ليدبروا آياته } متعلق بانزلنا واصله يتدبروا فادغمت التاء فى الدال اى انزلناه ليتفكروا فى آياته بالفكر السليم فيعرفوا ما يتبع ظاهرها من المعانى الفائقة والتأويلات اللائقة اى ليتفكروا فى معانيها فان التدبر عبارة عن النظر فى عواقب الامور والتفكر تصرف القلب فى معانى الاشياء لدرك المطلوب { وليتذكر اولوا الالباب } اى وليتعظ به اصحاب العقول الخالصة عن شوب الوهم عمم التدبر لعموم العلماء وخص التذكر بخصوص العقلاء لان التدبر للفهم والتذكر لوقوع الاجلال والخشية الخاص باكابر اهل العلم. قال بعضهم التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الازل من التوحيد والمعارف انتهى فعلم ان المقصود من كلام الحق التفكر والتذكر والاتعاظ به لا حفظ الالفاظ فقط. قال الشبلى قدس سره قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها حديثا واحدا وكان علم الاولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبعض اصحابه " اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها " وكان الصحابة يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون بالعمل بها فان المقصود من القرآن العمل به " ـ روى ـ ان رجلا جاء الى النبى عليه السلام وقال علمنى مما علمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه اذا زلزلت الارض حتى اذا بلغ فمن يعمل الخ قال حسبى فاخبر النبى عليه السلام بذلك فقال " دعوه فقد فقه الرجل " وقال ابراهيم بن ادهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى ينفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه انت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم. وعن البصرى رحمه الله قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده حتى ان احدهم ليقول والله لقد قرأت القرآن فما اسقطت منه حرفا والله وقد اسقط كله ما يرى عليه للقرآن اثر فى خلق ولا عمل والله ما هو بحفظ حروفه واضاعة حدوده والله ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة لا اكثر الله فى الناس مثل هؤلاء فمن اقتفى بظاهر المتلوّ كان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها ومهرة نتوج لا يستولدها. قال انس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2