الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ }

{ فغفرنا له ذلك } اى ما استغفر منه وكان ذلك فى شهر ذى الحجة كما فى بحر العلوم ـ وروى ـ انه عليه السلام بقى فى سجوده اربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه الا لصلاة مكتوبة او لما لا بد منه ولا يرقأ دمعه حتى نبت منه العشب حل رأسه ولم يشرب ماء الا ثلثاه دمع وجهد نفسه راغبا الى الله فى العفو عنه حتى كاد يهلك واشتغل بذلك عن الملك حتى وثب ابن له يقال له ايشا على ملكه فاجتمع اليه اهل الزيغ من بنى اسرائيل فلما نزلت توبته بعد الاربعين وغفر له حاربه فهزمه وقد قال نبينا عليه السلام " اذا بويع لخليفتين " اى لأحدهما اولا وللآخر بعده " فاقتلوا الآخر منهما " لأنه كالباغى هذا اذا لم يندفع الا بقتله { وان له } اى داود { عندنا لزلفى } لقربة وكرامة بعد المنفرة كما وقع لآدم عليه السلام. والزلفى القربة والازلاف التقريب والازدلاف الاقتراب ومنه سميت المزدلفى لقربها من الموقف. وعن مالك بن دينا فى قوله { وان له } الخ يقول الله تعالى لداود عليه السلام وهو قائم بساق العرش يا داود مجدنى بذلك الصوت الرخيم اللين فيقول كيف وقد سلبتنيه فى الدنيا فيقول انى ارده عليك فيرفع داود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم اهل الجنة كما فى الوسيط { وحسن مآب } حسن مرجع فى الجنة. وفى كشف الاسرار هو الجنة يعنى الجنة هى مآب الانبياء والاولياء ـ واصل هذه القصة ـ ان داود عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له اوريا بن حنانا ويقال لها بنشاوع او بنشاويع بنت شايع فمال قلبه اليها وابتلى بعشقها وحبها من غير اختيار منه كما ابتلى نبينا عليه السلام بزينب رضى الله عنها لما رآها يوما حتى قال يا مقلب القلوب فسأله داود ان يطلقها فاستحيى ان يرده ففعل فتزوجها وهى ام سليمان عليه السلام وكان ذلك جائزا فى شريعته معتادا فيما بين امته غير مخل بالمروءة حيث كان يسأل بعضهم بعضا ان ينزل عن امرأته فيتزوجها اذا اعجبته خلا انه عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شانه نبه بالتمثيل على انه لم يكن ينبغى له ان يتعاطى ما يتعاطاه آحاد امته ويسأل رجلا ليس له الا امرأة واحدة ان ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان يجب عليه ان يصبر على ما امتحن به كما صبر نبينا عليه السلام حتى كان طالب الطلاق هو زوج زينب وهو زيد المذكور فى سورة الاحزاب لا هو عليه السلام اى لم يكن هو عليه السلام طالب الطلاق. قال البقلى عشق داود عليه السلام لعروس من عرائس الحق حين تجلى الحق منها له فانه كان عاشق الحق فسلاه بواسطة من وسائطه وهذه القصة تسلية لقلب نبينا عليه الصلاة والسلام حيث اوقع الله فى قلبه محبة زينب فضاق صدره فقال سبحانه

السابقالتالي
2 3