الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ }

{ وشددنا ملكه } قوينا ملكه بالهيبة والنصرة ونحوهما. قال الكاشفى ومحكم كرديم بادشاهى ويرا بدعاى مظلومان. يابوزراى نصيحت كنندكان. يابكوتاه كردن ظلم ازرعيت. يابالقاى رعب وى دردل اعادى. يابيافتن زره وساختن آلات حرب. يابه بسيارىء لشكر. يابكثرت باسبانان جه هرشب سى وشش هزار مردباس خانه وى ميداشتند. وقيل كان اربعون الف لابسى درع يحرسونه فاذا اصبح قيل ارجعوا فقد رضى عنكم نبى الله وكان نبينا عليه السلام يحرس ايضا الى نزول قوله تعالىوالله يعصمك من الناس } ومن ذلك اخذ السلاطين الحرس فى السفر والحضر فلا يزالون يحرسونهم فى الليالى ولهم اجر فى ذلك. وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه ادعى رجل على آخر بقرة وعجز عن اقامة البينة فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام ان اقتل المدعى عليه فاعلم الرجل فقال صدقت يا نبى الله ان الله لم يأخذنى بهذا الذنب ولكن بانى قتلت ابا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان اذنب احد ذنبا اظهره الله عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب. والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله { وآتيناه الحكمة } اى العلم بالاشياء على ما هى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل. واعلم ان الحكمة نوعان. احدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة. والثانى الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التى لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما " روى ان رسول الله صلى الله وسلم كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع اصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة واولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى الله الله ارحم بعباده ام انا باولادى فقال عليه السلام " بل الله ارحم فانه ارحم الراحمين " فقالت يا رسول الله أترانى احب ان القى ولدى فى النار قال " لا " فقالت فكيف يلقى الله عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوى فبكى رسول الله عليه السلام فقال " هكذا اوحى الى " { وفصل الخطاب } لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه الله فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذى ينبه المخاطب على المرام من غير التباس. وفى شرح الجندى يعنى الافصاح بحقيقة الامر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير التياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته واريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه. وفى التأويلات النجمية { وشددنا ملكه } فى الظاهر بان جعلناه اشد ملوك الارض { و } فى الباطن بان { آتيناه الحكمة وفصل الخطاب } والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف بادل دليل واقل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة.

السابقالتالي
2