الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ }

{ جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب } الجند جمع معد للحرب وما مزيدة للتقليل والتحقير نحو اكلت شيئا ما وهنالك مركب من ثلاث كلمات احداها هنا وهو اشارة الى مكان قريب والثانية اللام وهى للتأكيد والثالثة الكاف وهى للخطاب قالوا واللام فيها كاللام فى ذلك فى الدلالة على بعد المشار اليه. والهزم الكسر يقال هزم العدو كسرهم وغلبهم والاسم الهزيمة وهزمه يهزمه فانهزم غمزه بيده فصارت فيه حفرة كما فى القاموس. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات. قال ابن الشيخ جند خبر مبتدأ محذوف ومن الاحزاب صفته اى جملة الاحزاب وهم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الانبياء بالتكذيب فقهروا وهلكوا ومهزوم خبر ثان للمبتدأ المقدر او صفة لجند وهنالك ظرف لمهزوم او صفة اخرى لجند وهو اشارة الى الموضع الذى تقاولوا وتحاوروا فيه بالكلمات السابقة وهو مكة اى سيهزمون بمكة وهو اخبار بالغيب لانهم انهزموا فى موضع تكلموا فيه بهذه الكلمات. وقال بعضهم هناك اشارة الى حيث وضعوا فيه انفسهم من الانتداب اى الاجابة والمطاوعة لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لامر ليس من اهله لست هنالك فان هواهم الزائغ وحسدهم البالغ حملهم على ان يقولوا أانزل عليه الذكر من بيننا فانتدبوا له ووضعوا انفسهم فى مرتبة ان يقولوا ذلك العظيم فانه لاستلزامه الاعتراض على مالك الملك والملكوت لا ينبغى لاحد ان يجترىء عليه ويضع نفسه فى تلك المرتبة. والمعنى هم كجند ما من الكفار المتحزبين على الرسل مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث بما يهذون. ففيه اشارة الى عجزهم وعجز آلهتهم يعنى ان هؤلاء الكفار ليس معهم حجة ولا لاصنامهم من النفع والضر مكنة ولا فى الدفع والرد عن انفسهم قوة. وسمعت من فم حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول استناد الكفار الى الاحجار ألا ترى الى القلاع والحصون واستناد المؤمنين الى " لا اله الا الله محمد رسول الله " ألا ترى انهم لا يتحصنون بحصن سوى التوكل على الله تعالى وهو يكفيهم كما قال تعالى " لا اله الا الله حصنى فمن دخل فى حصنى امن من عذابى " انتهى