الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ }

{ فقال انى سقيم }. قال فى المفردات السقم والسقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون فى البدن وفى النفس. وقوله انى سقيم فمن التعريض والاشارة به اما الى ماض واما الى مستقبل واما الى قليل مما هو موجود فى الحال اذ كان الانسان لا ينفك من خلل يعتريه وان كان لا يحس به ويقال مكان سقيم اذا كان فيه خوف انتهى. وقال ابن عطاء انى سقيم من مخالفتكم وعبادتكم الاصنام او بصدد الموت فان من فى عنقه الموت سقيم وقد فوجئ رجل فاجتمع عليه الناس وقالوا مات وهو صحيح فقال اعرابى أصحيح من الموت فى عنقه وايا ما كان فلم يقل الا عن تأول فان العارف لا يقع فى انهتاك الحرمة ابدا وكان ذلك من ابراهيم لذب عن دينه وتوسل الى الزام قومه. قال عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام فان امكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان تحصيل ذلك المقصود مباحا. وواجب ان كان ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه. وفى الاسئلة المقحمة ومن الناس من يجوّز الكذب فى الحروب لاجل المكيدة والخداع وارضاء الزوجة والاصلاح بين المتهاجرين والصحيح ان ذلك لا يجوز ايضا فى هذه المواضع لان الكذب فى نفسه قبيح والقبيح فى نفسه لا يصير حسنا باختلاف الصور والاحوال وانما يجوز فى هذه المواضع بتأويل وتعريض لا بطريق التصريح. ومثاله يقول الرجل لزوجته اذا كان لا يحبها كيف لا احبك انت حلالى وزوجتى وقد صحبتك وامثال هذه فاما اذا قال صريحا بانى احبك وهو يبغضها فيكون كذبا محضا ولا رخصة فيه. مثاله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد النهضة نحو يمينه كان يسأل عن منازل اليسار ليشبه على العدو من أى جانب يأتيه واما اذا كان يقصد جانبا ويقول امضى الى جانب آخر فهذه من قبيلها انتهى. وكان القوم يتطيرون من المريض فلما سمعوا من ابراهيم ذلك هربوا منه الى معبدهم وتركوه فى بيت الاصنام فريدا ليس معه احد وذلك قوله تعالى