الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ }

{ ان الهكم } يا اهل مكة فان الآية نزلت فيهم اذ كانوا يقولون بطريق التعجب أجعل الآلهة الها واحدا او يا بنى آدم وبالفارسية وبدرستى كه خداى شمادر ذات وحدانيت خود { لواحد } لا شريك له فلا تتخذوا آلهة من الاصنام والدنيا والهوى والشيطان. والجملة جواب للقسم والفائدة فيه مع ان المؤمن مقر من غير حلف والكافر غير مقرّ ولو بالحلف تعظيم المقسم به واظهار شرفه وتأكيد المقسم عليه على ما هو المألوف فى كلامهم وقد انزل القرآن على لغتهم وعلى اسلوبهم فى محاوراتهم. وقيل تقدير الكلام فيها وفى مثلها ورب الصافات ورب التين والزيتون. وفى المفردات الوحدة الانفراد والواحد فى الحقيقة هو الشئ الذى لا جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى انه ما من عدد الا ويصح وصفه به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة. فالواحد لفظ مشترك يستعمل فى خمسة اوجه. الاول ما كان واحدا فى الجنس اوفى النوع كقولنا الانسان والفرس واحد فى الجنس وزيد وعمرو واحد فى النوع. والثانى ما كان واحدا بالاتصال اما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد واما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة. والثالث ما كان واحدا لعدم نظيره اما فى الخلقة كقولك الشمس واحدة واما فى دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره وكقولك هو نسيج وحده. والرابع ما كان واحد الامتناع التجزى فيه اما لصغرة كالهباء واما لصلابته كالماس. والخامس للمبتدأ اما لمبدأ العدد كقولك واحد اثنين واما لمبدأ الخط كقولك النقطة الواحدة والوحدة فى كلها عارضة فاذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه هو الذى لا يصح عليه التجزى ولا التكثر ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالىواذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } انتهى. قال الغزالى رحمه الله الواحد هو الذى لا يتجزى ولا يثنى. اما الذى لا يتجزئ فكالجواهر الواحد الذى لا ينقسم فيقال انه واحد بمعنى انه لا جزء له وكذا النقطة لا جزء لها والله تعالى واحد بمعنى انه يستحيل تقدير الانقسام على ذاته. واما الذى لا يثنى فهو الذى لا نظير له كالشمس مثلا فانها وان كانت قابلة للقسمة بالوهم متجزئة فى ذاتها من قبيل الاجسام فهى لا نظير لها الا انه يمكن لها نظير فما فى الوجود موجود ينفرد بخصوص وجود الا ويتصور ان يشاركه فيه غيره الا الله تعالى فانه الواحد المطلق ازلا وابدا فالعبد انما يكون واحدا اذا لم يكن فى ابناء جنسه نظير له فى خصلة من خصال الخير وذلك بالاضافة الى ابناء جنسه وبالاضافة الى الوقت اذ يمكن ان يظهر فى وقت آخر مثله وبالاضافة الى بعض الخصال دون الجميع فلا وحدة على الاطلاق الا الله تعالى انتهى.

السابقالتالي
2