الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وناديناه ان } مفسرة لمفعول ناديناه المقدر اى ناديناه بلفظ هو قولنا { يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا } بالعزم على الاتيان بالمأمور به وترتيب مقدماته وبالفارسية بدرستى كه راست كردى خوابى كه ديده بودى. وفى شرح الفصوص للمولى الجامى اى حققت الصورة المرئية وجعلتها صادقة مطابقة للصورة الحسية الخارجية بالاقدام على الذبح والتعرض لمقدماته وقد قيل انه امر السكين بقوته على حلقه مرارا فلم يقطع ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين
آن توكل توخليلانه ترا تانبرد تيغت اسماعيل را   
فعند ذلك وقع النداء. وفى الخبر سأل نبينا عليه السلام جبريل هل اصابك مشقة وتعب فى نزولك من السماء قال نعم فى اربعة مواضع. الاول حين القى ابراهيم فى النار كنت تحت العرش قال الله تعالى ادرك عبدى فادركته وقلت له هل لك من حاجة فقال اما اليك فلا. والثانى حين وضع ابراهيم السكين على حلق اسماعيل كنت تحت العرش قال الله تعالى ادرك عبدى فادركته طرفة عين فقلبت السكين. والثالث حين شبحك الكفار وكسروا رباعيتك يوم احد قال الله تعالى ادرك دم حبيبى فانه لو سقط من دمه على الارض قطرة ما اخرجت منها نباتا ولا شجرا فقبضت دمك بكفى ثم رميته فى الهواء. والرابع حين القى يوسف فى الجب قال الله تعالى ادرك عبدى فادركته قبل ان وصل الى قعر الجب واخرجت حجرا من اسفل البئر فاجلسته عليه. وجواب لما محذوف ايذانا بعدم وفاء التعبير بتفاصيله كأنه قيل كان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان من استبشارهما وشكر هما لله تعالىعلى ما انعم الله به عليهما من رفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق احد لمثله واظهار فضلهما بذلك على العالمين مع احراز الثواب العظيم الى غير ذلك. قال بعض العارفين الانسان مجبول على حب الولد فاقتضت غيره الخلة ومقام المحبة ان يقطع علاقة القلب عن غيره فامر بذبح ولده امتحانا واختبارا له ببذل احب الاشياء فى سبيل الله من غير توقف واشعارا للملائكة بانه خليل الله لا يسعه غير الحق فليس المبتغى منه تحصيل الذبح انما هو اخلاء السر عنه وترك عادة الطبع. وقال المولى الجامى غلبت عليه محبة الحق حتى تبرأ من ابيه فى الحق ومن قومه وتصدى لذبح ابنه فى سبيل الله وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله تعالى ـ ورد ـ فى الخبر انه كان له خمسة آلاف قطيع من الغنم فتعجب الملائكة من كثرة ماله مع خلته العظيمة عند الله فخرج يوما خلف غنمه وكلاب قطائع الاغنام عليها اطواق الذهب فطلع ملك فى صورة آدمى على شرف الوادى فسبح قائلا سبوح قدوس رب الملائكة والروح فلما سمع الخليل تسبيح حبيبه اعجبه وشوّقه نحو لقائه فقال يا انسان كرر ذكر ربى فلك نصف مالى فسبح بالتسبيح المذكور فقال كرر تسبيح خالقى فلك جميع اموالى مما ترى من الاغنام والغلمان وكانوا خسمة آلاف غلام فانصفت الملائكة وسلمت بخلته كما سلمت بخلافة آدم وهذا من جملة الاسرار التى جعل بها ابا ثانيا لنا.

السابقالتالي
2