الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }

{ الا من خطف الخطفة } استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه. والخطف الاختلاس بسرعة والمراد اختلاس الكلام اى كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة اى لا يسمع جماعة الشياطين الا الشيطان الذى خطف اى اختلس الخطفة اى المرة الواحدة يعنى كلمة واحدة من كلام الملائكة وبالفارسية وانرا قوت استماع كلام ملائكه نيست مكر كسى كه درربايد يك ربودن يعنى بد زدد سخنى ازفرشته { فاتبعه } اى طبعه ولحقه وبالفارسية بس ازبى در آيد اورا. قال ابن الكمال الفرق بين اتبعه وتبعه انه يقال اتبعه اتباعا اذا طلب الثانى اللحوق بالاول وتبعه تبعا اذا مر به ومضى معه { شهاب }. قال فى القاموس الشهاب ككتاب شعلة من نار ساطعة انتهى والمراد هنا ما يرى منقضا من السماء { ثاقب }. قال فى المفردات الثاقب النير المضيء يثقب بنوره واضاءته ما يقع عليه انتهى. اى مضئ فى الغاية كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين اذا صعدوا لاستراق السمع. " وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فى نفر من اصحابه اذرمى بنجم فاستنار فقال عليه السلام " ما كنتم تقولون لمثل هذا فى الجاهلية " فقالوا يموت عظيم او يولد عظيم فقال " انه لا يرمى لموت احد ولا لحياته ولكن الله اذا قضى امرا يسبحه حملة العرش واهل السماء السابعة يقولون " اى اهل السماء السابعة لحملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم فيستخبر اهل كل سماء اهل سماء حتى ينتهى الخبر الى السماء الدنيا فيتخطب الجن فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ويكذبون فما ظهر صدقه فهو من قسم ما سمع من الملائكة وما ظهر كذبه فهو من قسم ما قالوه " قيل كان ذلك فى الجاهلية ايضا لكن غلظ المنع وشدّد حين بعث النبى عليه السلام. قيل هيئة استراقهم ان الشياطين يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا فيسمع من فوقهم الكلام فيلقيه الى من تحته ثم هو يلقيه الى الآخر حتى الى الكاهن فيرمون بالكوكب فلا يخطئ ابدا فمنهم من يقتل ومنهم من يحرق بعض اعضائه واجزائه ومنهم من يفسد عقله وربما ادركه الشهاب قبل ان يلقيه وربما القاه قبل ان يدركه ولاجل ان يصيبهم مرة ويسلمون اخرى لا يرتدعون عن الاستراق بالكلية كراكب البحر للتجارة فانه قد يصيبه الموج وقد لا يصيبه فلذا يعود الى ركوب البحر رجاء السلامة. ولا يقال ان الشيطان من النار فلا يحترق لانه ليس من النار الصرف كما ان الانسان ليس من التراب الخالص مع ان النار القوية اذا استولت على الضعيفة استهلكتها ثم ان المراد بالشهاب شعلة نار تنفصل من النجم لا انه النجم نفسه لانه قار فى الفلك على حاله.

السابقالتالي
2