الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ }

{ انا } بمقتضى قهرنا وجلالنا { جعلنا } خلقنا او صيرنا { فى اعناقهم } جمع بالفارسية كردن والضمير الى اكثر اهل مكة { اغلالا } عظيمة ثقالا جمع غل بالضم وهو ما يشد به اليد الى العنق للتعذيب والتشديد سواء كان من الحديد او غيره. وقال القهستانى الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس. وفى المفردات اصل الغلل تدرع الشئ وتوسطه ومنه الغلل للماء الجارى مختص بما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه وغل فلان قيد به. وقيل للبخيل هو مغلول اليد قال تعالىوقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم } انتهى. { فهى الى الاذقان } الفاء للنتيجة او التعقيب. والاذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين بالفارسية زنخدان اى فالاغلال منتهية الى اذقانهم بحيث لا يتمكن المغلول منها من تحرك الرأس والالتفات وبالفارسية بس آن غلها وزنجيرها ييوسته شده بزنخدا نهاى ايشان ونمى كذارندكه سرها بجنبانند ووجه وصول الغل الى الذقن هو اما كونه غليظا عريضا يملأ ما بين الصدر والذقن فلا جرم يصل الى الذقن ويرفع الرأس الى فوق واما كون طوق الغل الذى يجمع اليدين الى العنق بحيث يكون فى ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة يدخل فيها رأس العمود الواصل بين ذلك الطوق وبين قيد اليد خارجا عن الحلقة الى الذقن فلا يخليه يحرك رأسه { فهم مقمحون } رافعون رؤسهم غاضون ابصارهم فان الاقماح رفع الرأس الى فوق مع غض البصر يقال قمح البعير قموحا فهو قامح اذا رفع رأسه عند الحوض بعد الشرب اما لارتوائه او لبرودة الماء او لكراهة طعمه واقمحت البعير شددت رأسه الى خلف واقمحه الغل اذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه. قال بعضهم لفظ الآية وان كان ماضيا لكنه اشارة الى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله تعالى { وجعلنا الاغلال فى اعناق الذين كفروا } الآية ولهذا قال الفقهاء كره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار. قال الفقيه ان فى زماننا جرت العادة بذلك اذا خيف من الاباق بخلاف التقييد فان غير مكروه لانه سنة المسلمين فى المتمردين هذا والجمهور على ان الآية تمثيل لحال الاكثر فى تصميمهم على الكفر وعدم امتناعهم عنه وعدم التفاتهم الى الحق وعدم انعطاف اعناقهم نحوه بحال الذين غلت اعناقهم فوصلت الاغلال الى اذقانهم وبقوا رافعين رؤسهم غاضين ابصارهم فهم ايضا لا يلتفتون الى الحق ولا يعطفون اعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤسهم له ولا يكادون يرون الحق او ينظرون الى جهته. وقال الراغب قوله فهم مقمحون تشبيه بحال البعير ومثل لهم وقصد الى وصفهم بالتأبى عن الانقياد للحق وعن الاذعان لقبول الرشد والتأبى عن الانفاق فى سبيل الله انتهى وفى المثنوى
كفت اغلالا فهم به مقمحون نيست آن اغلال برما از برون بند بنهان ليك ازآهن را بتر بند آهن را كند باره بتر بند آهن را توان كردن جدا بند غيبى نداند كس دوا مرد را زبنور اكر نيشى زند طبع او آن لحظة بر دفعى تند زخم نيش اما جوازهستئ تست غم قوى باشد نكردد درد ست   
قال النقشبندى هى اغلال الامانى والآمال وسلاسل الحرص والطمع بمزخرفات الدنيا الدنية وما يترتب عليها من اللذات الوهمية والشهوات البهيمة