الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ }

{ لقد } اللام جواب القسم اى ولله لقد { حق القول } وجب وتحقق { على اكثرهم } اى اكثر القوم الذين تنذرهم وهم اهل مكة { فهم لا يؤمنون } اى بانذارك اياهم والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله. واختلفوا فقال بعضهم القول حكم الله تعالى انهم من اهل النار. وفى المفردات علم الله بهم. وقال بعضهم القول كناية عن العذاب اى وجب على اكثرهم العذاب. والجمهور على ان المراد به قوله تعالى لابليس عند قولهلاغوينهم اجمعين } { لاملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } وهو المعنى بقولهولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } وهذا القول لما تعلق بمن تبع ابليس من الجنّ والانس وكان اكثر اهل مكة ممن علم الله منهم الاصرار على اتباعه واختيار الكفر الى ان يموتوا كانوا ممن وجب وثبت عليهم مضمون هذا القول لكن لا بطريق الجبر من غير ان يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب اصرارهم الاختيارى على الكفر والانكار وعدم تأثرهم من التذكير والانذار. ولما كان مناط ثبوت القول وتحققه عليهم اصرارهم على الكفر الى الموت كان قوله { فهم لا يؤمنون } متفرعا فى الحقيقة على ذلك لا على ثبوت القول. قال الكاشفى مراد آنانندكه خداى تعالى ميدانست كه ايشان بركفر ميرند يابر شرك كشته شوند جون ابو جهل واضراب او وحقيقة هذا المقام ان الكل سعيدا كان او شقيا يجرون فى هذه النشأة على مقتضى استعداداتهم فالله تعالى يظهر احوالهم على صفحات اعمالهم لا يجبرهم فى شئ اصلا فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غيره فلا يلومن الانفسه والاعمال امارات وليست بموجبات فان مصير الامور فى النهاية الى ما جرى به القدر فى البداية. وفى الخبر الصحيح روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يديه كتابان فقال للذى فى يده اليمنى " هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم ثم اجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا " ثم قال للذى بشماله " هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ثم اجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا " ثم قال بيده فنبذهما ثم قال " فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير " وحكم الله تعالى على الاكثر بالشقاوة فدل على ان الاقل هم اهل السعادة وهم الذين سمعوا فى الازل خطاب الحق ثم اذا سمعوا نداء النبى عليه السلام اجابوه لما سبق من الاجابة لنداء الحق. وانما كان اهل السعادة اقل لان المقصود من الايجاد ظهور الخليفة من العباد وهو يحصل بواحد مع ان الواحد على الحق هو السواد الاعظم فى الحقيقة.

السابقالتالي
2