الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ والشمس } معطوف على الليل اى وآية لهم الشمس المضيئة المشرقة على صحائف الكائنات كاشراق نور الوجود المطلق الفائض على هياكل الموجودات حسب التجليات الالهية كأنه قيل كيف كانت آية فقيل { تجرى } او حال كونها جارية وسائرة { لمستقر لها } فيه وجوه. الاول ان اللام فى لمستقر للتعليل والمستقر اسم مكان اى تجرى لبلوغ مستقر وحد معين ينتهى اليه دورها فى آخر السنة فشبه بمستقر المسافر اذا قطع سيره. والثانى ان اللام بمعنى الى والمستقر كبد السماء اى وسطها والمعنى تجرى الى ان تبلغ الى وسط السماء وتستقر فيه شبه بطؤ حركتها فيه بالوقفة والاستقرار والا فلا استقرار لها حقيقة كما قال فى المفردات الزوال يقال فى شئ قد كان ثابتا ومعلوم ان لاثبات للشمس فكيف يقال زوال الشمس فالجواب قالوه لاعتقادهم فى الظهيرة ان لها ثباتا فى كبد السماء وكما قال فى شرح التقويم فان قلت لم سميت السيارة بها وليست السموات بساكنة قلت لسرعة حركتها بالنسبة الى حركة الكواكب الباقية فان حركتها فى غاية البطؤ ولذلك تسمى ثوابت. والثالث ان اللام لام العاقبة والمستقر مصدر ميمى اى تجرى بحيث يترتب على جريها استقرارها فى كل برج من البروج الاثنى عشر على نهج مخصوص بان تستقر فى كل برج شهرا ويأخذ الليل من النهار فى نصف الحول والنهار من الليل فى النصف الآخر منه وتبلغ نهاية ارتفاعها فى الصيف ونهاية انحطاطها فى الشتاء ويترتب عليه اختلاف الفصول الاربعة وتهيئة اسباب معاش الارضيات وتربيتها. والرابع ان المعنى المنتهى مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فان لها فى دورها ثلاثمائة وستين مشرقا ومغربا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود اليها الى العام القابل فالمستقر اسم زمان اى تجرى الى زمان استقرارها وانقطاع حركتها عند خراب العالم او الى وقت قرارها وتغير حالها بالطلوع من مغربها كما " قال ابو ذر رضى الله عنه دخلت المسجد ورسول الله عليه السلام جالس فلما غابت الشمس قال عليه السلام " يا ابا ذر أتدرى اين تذهب هذه الشمس " فقلت الله ورسوله اعلم فقال " تذهب تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك ان تسجد ولا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعى من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجرى لمستقر لها " وفهم من الحديث ان المستقر ايضا تحت العرش والمراد بالسجدة الانقياد ويجوز ان تكون على حقيقتها فان الله تعالى قادر على ان يخلق فيها حياة وادراكا يصح معهما سجدتها كما سبق نظائرها. قال بعض العارفين تسجد بروحها عند العرش كما تسجد الروح عند النوم اذا باتت على طهارة.

السابقالتالي
2