الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }

{ ولو يواخذ الله الناس } جميعا { بما كسبوا } من المعاصى وبالفارسية واكر مؤاخذه كرد خداى تعالى مردمانرا بجزاى آنجه كسب ميكنند از شرك ومعصيت جنانكه مؤاخذه كرد امم ماضيه { ما ترك على ظهرها } الظهر بالفارسية بشت والكناية راجعة الى الارض وان لم يسبق ذكرها لكونها مفهومة من المقام { من دابة } من نسمة تدب عليها من بنى آدم لانهم المكلفون المجازون ويعضده ما بعد الآية او من غيرهم ايضا فان شؤم معاصى المكلفين يلحق الدواب فى الصحارى والطيور فى الهواء بالقحط ونحوه. ولذا يقال من اذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة وقد اهلك الله فى زمان نوح عليه السلام جميع الحيوانات الا ما كان منها فى السفينة وذلك بشؤم المشركين وسببهم. وقال بعض الائمة ليس معناه ان البهيمة توخذ بذنب ابن آدم ولكنها خلقت لابن آدم فلا معنى لابقائها بعد افناء من خلقت له { ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى } وقت معين معلوم عند الله وهو يوم القيامة { فاذا جاء اجلهم } بس جون بيايد وقت هلاك ايشان { فان الله كان بعباده بصيرا } فيجازيهم عند ذلك باعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر
آنرا بلوامع رضا بنوازد اين را بلوامع غضب بكدازد كس را بقضاى قدرتش كارى نيست آنست صلاح خلق كوميسازد   
وفى الآية اشارة الى انه ما من انسان الا يصدر منه ما يستوجب المؤاخذة ولكن الله تعالى بفضله ورحمته يمهل ثم يؤاخذ من كان اهل المؤاخذة ويعفو عمن هو اهل العفو. ففى الآية بيان حلمه تعالى وارشاد للعباد الى الحلم فان الحلم حجاب الآفات وملح الاخلاق. وساد احنف بن قيس بعقله وحلمه حتى كان يتجرد لامره مائة الف سيف وكان امراء الامصار يلتجئون اليه فى المهمات وهو المضروب به المثل فى الحلم وقال له رجل دلنى على المروء فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح ثم قال ألا ادلك على ادوى الداء قال بلى قال اكتساب الذم بلا منفعة. ومن بلاغات الزمخشرى " البأس والحلم حاتمى واحنفى والدين والعلم حنيفى وحنفى " وفيه لف ونشر على الترتيب والبأس الشجاعة وفيها السخاوة اذ لا تكون الشجاعة الا بسخاوة النفس ولا تكون السخاوة الا بالشجاعة فان المال محبوب لا يصدر انفاقه الا ممن غلب على نفسه. والجود منسوب الى حاتم بن عبدالله بن سعد الطائى. والحلم منسوب الى الاحق المذكور. والدين منسوب الى ابراهيم بن الحنيف معلم ابى حنيفة رحمه الله. والعلم منسوب الى ابى حنيفة وفى هذا المعنى قيل
الفقه زرع ابن مسعود وعلقمة حصاده ثم ابراهيم دوّاس نعمان طاحنه يعقوب عاجنه محمد خابز والآكل الناس   
ثم ان الحلم لا بد وان يكون فى محله كما قيل
ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة وفى بعضها عزا يسود فاعله   
وكذلك الاحسان فانه انما يحسن اذ وقع فى موقعه
هر آنكس كه بردزد رحمت كند ببازوى خود كاروان ميزند   
ثم ان البصير هو المدرك لكل موجود برؤيته. وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفقّه لصالح القول والعمل نسأل الله سبحانه ان يفتح بصيرتنا الى جانب الملكوت ويأخذنا عن التعلق بعالم الناسوت ويحلم عنا باسمه الحليم ويختمنا بالخير ممن اتى بقلب سليم