الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

{ وان يكذبوك } اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت اليهم فلا تحزن واصبر { فقد كذبت رسل } اولوا شأن خطير وذووا عدد كثير { من قبلك } فصبروا وظفروا { والى الله } لا الى غيره { ترجع الامور } من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه. وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم واولياء امته وتسهيل الصبر على الاذية اذا علم ان الانبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الاجانب من هذه الطريقة كاحوال الانبياء مع السفهاء من اممهم وانهم لا يقبلون منهم الا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين هم لهذه الاصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع اليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق ارادته الاحوال. فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والاقرار وان كان فيه الاذى والملامة ويجتنب عن طريق النفى والانكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين قال الحافظ
هرجند غرق بحر كناهم زصد جهت كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم   
وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال { لا اله الا هو } وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الازل هو الله تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبه لانه من اهل الحجاب واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما ه و وفى العقل من حرفين ايضا وهما اى فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الاحاطة التربيعية التى هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالالف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه. واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان ثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال انا جليس من ذكرنى وشهود الحق افضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى
حضور قلب ببايدكه حق شود مشهود وكرنه ذكر مجرد نمى دهد يك سود