الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

{ وهم } اى الكفار { يصطرخون فيها } يستغيثون وبالفارسية فرياد ميخواهند در دوزخ والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن لجهر المستغيث صوته { ربنا } باضمار القول يقولون ربنا { اخرجنا } من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا { نعمل صالحا } عمل بسنديده اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الاعمال مبنى على الايمان { غير الذى كنا نعمل } قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه اذا كان هوى وطبعا ومخالفة يعنى اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار مادردنيا شايسته نبود { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والتعمير زندكانى دادن والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس والتذكر بندكرفتن والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثانى مال الكاشفى حيث قال بالفارسية آيا زند كانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شمارا آن مقدار بند كيريد ودران عمر هركه خواهد كه بند كيرد ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه واصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة اعظم يعنى اذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثمانى عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة اشد من الاول وفى الحديث " اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة " اى ازال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث امهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام " اعمار امتى ما بين الستين الى السبعين " واقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث " ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة ابناء الاربعين زرع قد دنا حصاده وابناء الستين ما قدمتم وما عملتم وابناء السبعين هلموا الى الحساب " وكان الشيخ عبد القادر الكيلانى قدس سره اذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولانسيناك لما نسيتنا انت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لا نسنا.

السابقالتالي
2