الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ }

{ ولا تزر وازرة وزر اخرى } يقال وزر يزر من الثانى وزرا بالفتح والكسر ووزر يوزر من الرابع حمل. والوزر الاثم والثقل والوازرة صفة للنفس المحذوفة وكذا اخرى والمعنى لا تحمل نفس آثمة يوم القيامة اثم نفس اخرى بحيث تتعرى منه المحمول عنها بل انما تحمل كل منهما وزرها الذى اكتسبته بخلاف الحال فى الدنيا فان الجبابرة يأخذون الولى بالولى والجار بالجار واما فى قوله تعالىوليحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم } من حمل المضلين اثقالهم واثقالا غير اثقالهم فهو حمل اثقال ضلالهم مع اثقال اضلالهم وكلاهما اوزارهم ليس فيها شئ من اوزار غيرهم ألا يرى كيف كذبهم فى قولهماتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم } بقولهوما هم بحاملين من خطاياهم من شئ } ومنه يعلم وجه تحميل معاصى المظلومين يوم القيامة على الظالمين فان المحمول فى الحقيقة جزاء الظلم وان كان يحصل فى الظاهر تخفيف حمل المظلوم ولا يجرى الا فى الذنب المتعدى كما ذكرناه فى اواخر الانعام. وفيه اشارة الى ان الله تعالى فى خلق كل واحد من الخلق سرا مخصوصا به وله مع كل واحد شان آخر فكل مطالب بما حمل كما ان كل بذر ينبت بنبات قد اودع فيه ولا يطالب بنبات بذر آخر لانه لا يحمل الا ما حمل عليه كما فى التأويلات النجمية قال الشيخ سعدى
رطب ناورد جوب خر زهره بار جه تخم افكنى برهمان جشم دار   
{ وان تدع } صيغة غائبة اى ولو دعت وبالفارسية واكر بخواند { مثقلة } اى نفس اثقلتها الاوزار والمفعول محذوف اى احدا. قال الراغب الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح عما يوزن به او يقدّر به يقال هو ثقيل واصله فى الاجسام ثم يقال فى المعانى اثقله الغرم والوزر انتهى. فالثقل الاثم سمى به لانه يثقل صاحبه يوم القيامة ويثبطه عن الثواب فى الدنيا { الى حملها } الذى عليها من الذنوب ليحمل بعضها. قيل فى الاثقال المحمولة فى الظاهر كالشئ المحمول على الظهر حمل بالكسر وفى الاثقال المحمولة فى الباطن كالولد فى البطن حمل بالفتح كما فى المفردات { لا يحمل منه شئ } لم تجب لحمل شئ منه { ولو } للوصل { كان } اى المدعو المفهوم من الدعوة وترك ذكره ليشمل كل مدعو { ذا قربى } ذا قرابة من الداعى كالاب والام والولد والاخ ونحو ذلك اذ لكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه وحمل يعجزه. ففى هذا دليل انه تعالى لا يؤاخذ بالذنب الا جانيه وان الاستغاثة بالاقربين غير نافعة لغير المتقين عن ابن عباس رضى الله عنهما يلقى الاب والام ابنه فيقول يا بنى احمل عنى بعض ذنوبى فيقول لا استطيع حسبى ما علىّ وكذا يتعلق الرجل بزوجته فيقول لها انى كنت لك زوجا فى الدنيا فيثنى عليها خيرا فيقول قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك لعلى انجوبها مما ترين فتقول ما ايسر ما طلبت ولكن لا اطيق انى اخاف مثل ما تخوفت

السابقالتالي
2 3