الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ وما يستوى البحران } اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر. وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا. وقال بعضهم البحر فى الاصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحران الخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران. قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الارض حاصرة للمياه المجتمعة فيها { هذا } البحر { عذب } طيب بالفارسية شيرين { فرات } بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش. قال فى تاج المصادر الفروتة خوش شدن آب والنعت فعال ويقال للواحد والجمع { سائغ شرابه } سهل انحدار مائه فى الحلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة. والسائغ بالفارسية كوارنده يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء { وهذا } البحر الآخر { ملح } تلخست. قال فى المفردات الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح اذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح { اجاج } شديد ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات. قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا اجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والازمان وعلى ممرّ الاحقاب والاحيان فيهلك من نتنه العالم الارضى ولو كان عذبا لكان كذلك ألا ترى الى العين التى بها ينظر الانسان الارض والسماء والعالم والالوان وهى شحمه مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لا يصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى. واما الانهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان { ومن كل } اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما { تأكلون } ايها الناس { لحما طريا } غضا جديدا من الطراء والطراوة والفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ما هى وصف السمك بالطراوة وهى وبالفارسية تارة شدن لتسارع الفساد اليه فيسارع الى اكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل { وتستخرجون } اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم { حلية } زينة اى لؤلؤا ومرجانا. وفى الاسئلة المقحمة اراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح اجاج لا من عذب فرات فكيف اضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى. قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر واذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها { تلبسونها } اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا اسند اليهم وفى الحديث

السابقالتالي
2 3