الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ }

{ والله خلقكم من تراب } دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب. وفى الحديث " ان الله جعل الارض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من التراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر " وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه. وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شئ من المخلوقات الى الحضرة لان التراب اسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الاثير السماء وهى الطف من الاثير ولكن لا تشبه لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الاجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام. فالفرق بينهما ان لطافة الاجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسى وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسى وفوقه عالم الارواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الارواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الارواح غير قابلة للجهات وفوق الارواح هو الله القاهر فوق عباده وهو ألطف من الارواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الارواح لان لطافة الارواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم والله تعالى فوق كل شئ وهو منزه عن هذه الاوصاف ليس كمثله شئ وهو السميع البصير العليم { ثم من نطفة } النطفة هى الماء الصافى الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذى هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة. وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه بالتناسل والتوالد. وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من اسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركة المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى اسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه الله تعالى من اصناف المخلوقات كما ان اعلى الشجرة آخر شئ يخلقه الله وهو البذر الذى يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة { ثم جعلكم ازواجا } اصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا واناثا. وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض. وفى التأويلات يشير الى ازدواج الروح والقالب فالروح من اعلى مراتب القرب والقالب من اسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمبع بين اقرب الاقربين وابعد الابعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة

السابقالتالي
2 3