الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }

{ من كان } هركه باشد { يريد العزة } الشرف والمنعة بالفارسية ارجمندى. قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذى يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالىولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التى لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التى للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعباده الاصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين { فلله } وحده لا لغيره { العزة } حال كونها { جميعا } اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيئا منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله ايذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من اراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشئ لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد اقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا. قال الكاشفى وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او
عزيزى كه هركه از درش سربتافت بهر دركه شد هيج عزت نيافت   
وفى الحديث " ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن اراد عز الدارين فليطع العزيز " ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال { اليه يصعد الكلم الطيب } الضمير الى الله تعالى وهو الظاهر. والصعود الذهاب فى المكان العالى استعير لما يصل من العبد الى الله كما استعير النزول لما يصل من الله الى العبد. والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما ذهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذى به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات. وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله " سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر " ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا. وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الاعمال المقبولة لا الى الله كما قالان كتاب الابرار لفى عليين } وقال الخليلانى ذاهب الى ربى سيهدين } اى ذاهب الى الشام الذى امرنى بالذهاب اليه. فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر الله ان توضع او يصعد هو بنفسه. قال بعض الكبار بعض الاعمال ينتهى الى سدرة المنتهى وبعضها يتعدى الى الجنة وبعضها الى العرض وبعضها يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والاخلاص وصحة التصور والشهود والعيان.

السابقالتالي
2 3 4