الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وقال الذين استضعفوا } مجيبين { للذين استكبروا } عطف على الجملة الاستئنافية واضراب على اضرابهم وابطال له { بل مكر الليل والنهار } المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم ايانا على الشرك والاوزار فحذف المضاف اليه واقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله " يا سارق الليلة اهل الدار " او جعل ليلهم ونهارهم ماكرين مجازا { اذ تأمروننا } ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت امركم لنا { ان نكفر بالله ونجعل له اندادا } نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس امرهم بما ذكر كما فى قوله تعالىيا قوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا } فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أى نعمة واما امور اخر مقارنة للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك { واسروا الندامة لما رأوا العذاب } الندامة التحسر فى امر فائت اى اضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والاضلال حين ما نفعتهم الندامة واخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية سرزنش كردن او اظهروها فانه من الاضداد اذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى اشكيته وهو المناسب لحالهم { وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا } يقال فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشئ ومنه الغل للماء الجارى خص بما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى اعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وايراد المستقبل بلفظ الماضى من جهة تحقق وقوعه والاظهار فى موضع الاضمار حيث لم يقل فى اعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم { هل يجزون الا ما كانوا يعملون } اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصى والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا انفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد. وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار. قال القهستانى الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى. وهو معتاد بين الظلمة. وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك اذا خيف من الاباق كما فى الكبرى. ولا يكره ان يجعل قيدا فى رجل عبده سنه المسلمين فى السفهاء واهل الفساد فلا يكره فى العبد اذ فيه تحرز عن اباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه. قال فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى اطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فى ادب القاضى للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية تخته كله ويجوز ان تكون الا طافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس