الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ }

{ وما كان له } اى لا بليس { عليهم من سلطان } السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء والا فهو ماسل سيفا ولا ضرب بعصا { الا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك } استثناء مفرغ من اعم العلل ومن موصولة منصوبة بنعلم. والعلم ادراك الشئ بحقيقته والعالم فى وصف الله تعالى هو الذى لا يخفى عليه شئ والشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك ايذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفى للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه اذا كان منشأ الشك متعلقه لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح. والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلقا حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم الله قديم وتعلقه حادث اذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان بالله ظن السوء ان الله جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم ابليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان الله بكمال قدرته وحكمته خلق الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام " خلق الجنة وخلق لها اهلا وخلق النار وخلق لها اهلا " وقال تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس } فالله تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذى خلقهم على ما هم به وانما سلط الله الشيطان على بنى آدم لاستخراج جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوس فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره
درزمين كرنيشكر ورخودنى است ترجمان هرزمين بنت وى است   
وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه { وربك على كل شئ حفيظ } محافظة عليه بالفارسية نكهبانست فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان. وقال بعضهم هو الذى يحفظ كل شئ على ما هو به. والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والامانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه الملكات المفضية الى البوار.

السابقالتالي
2