الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ }

{ ولقد آتينا داود منا فضلا } اعطى الله تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بالطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الالقاب والاسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الانبياء مطلقا سواء كانوا انبياء بنى اسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالىتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير والانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى اعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل { وآتينا داود زبورا }. قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبينا صلى الله عليه وسلم انه ذكر فضله فى حق داود على صفة النكرة وهى تدل على نوع من الفضل وشىء منه وهو الفيض الالهى بلا واسطة كما دل عليه كلمة منا وقال فى حق نبينا صلى الله عليه وسلموكان فضل الله عليك عظيما } والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل الله لما اضاف الفضل الى الله اشتمل على جميع الفضل كما لو قال احد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير. ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامتنه الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الانبياء فالمعنى اذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك { يا جبال اوبى معه } بدل من آتينا باضمار قلنا او من فضلا باضمار قولنا. والتأويب على معنيين. احدهما الترجيع وهو بالفارسية نغمه كردانيدن لانه من الاوب وهو الرجوع. والثانى السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة. قال فى كشف الاسرار اوبى سبحى معه اذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى وبالفارسية باز كردانيدن آواز خودرا باداود دروقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد باوى وذلك بان يخلق الله تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه. فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود. قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع.

السابقالتالي
2 3