الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

{ ان الله وملائكته }. اعلم ان الملائكة عند اهل الكشف من اكابر اهل الله على قسمين. قسم تنزلوا من مرتبة الارواح الى مرتبة الاجسام فلهم اجسام لطيفة كما ان للبشر اجساما كثيفة وهم المأمورون بسجود آدم عليه السلام ويدخل فيهم جميع الملائكة الارضية والسماوية اصاغرهم واكابرهم كجبريل وغيره بحيث لا يشذ منهم فرد اصلا. وقسم بقوا فى عالم الارواح وتجردوا عن ملابس الجسمانية لطيفة كانت او كثيفة وهم المهيمون الذين اشير اليهم بقوله تعالىام كنت من العالين } وهم غير مأمورين بالسجود اذ ليس لهم شعور اصلا لابانفسهم ولا بغيرهم من الموجدات مطلقا لاستغراقهم فى بحر شهود الحق. والانسان افضل من هذين القسمين فى شرف الحال ورتبة الكمال لانه مخلوق بقبضتى الجمال والجلال بخلاف الملائكة فانهم مخلوقون بيد الجمال فقط كما اشير اليه بقوله
ملائك را جه سود از حسن طاعت جو فيض عشق بر آدم فرو ريخت   
وذلك لان العشق يقتضى المحنة وموطنها الدنيا ولذا اهبط آدم من الجنة والمحنة من باب التربية وهى من آثار الجلال والمراد بالملائكة ههنا هو القسم الاول لانهم يشاركون مؤمنى البشر فى الجمال والوجود الجسمانى فكما ان مؤمنى البشر كلهم يصلون على النبى فكذا هذا القسم من الملائكة مع ان مقام التعظيم يقتضى التعميم كما لا يخفى على ذى القلب السليم فاعرف واضبط ايها اللبيب الفهيم { يصلون على النبى } اى يعتنون بما فيه خيره وصلا ح امره ويهتمون باظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله تعالى بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار. فقوله يصلون محمول على عموم المجاز اذ لا يجوز ارادة معني المشترك معا فانه لا عموم للمشترك مطلقا اى سواء كان بين المعانى تناف ام لا. قال القهستانى الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الانس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء ونحوها ومن الطير والهوام التسبيح اسم من التصلية وكلاهما مستعمل بخلاف الصلاة بمعنى اداء الاركان فان مصدرها لم يستعمل فلا يقال صليت تصلية بل صلاة. وقال بعضهم الصلاة من الله تعالى بمعنى الرحمة لغير النبى عليه السلام وبمعنى التشريف بمزيد الكرامة للنبى والرحمة عامة والصلاة خاصة كما دل العطف على التغاير فى قوله تعالىاولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } وقال بعضهم صلوات الله على غير النبى رحمة وعلى النبى ثناء ومدحة قولا وتوفيق وتأييد فعلا وصلاة الملائكة على غير النبى استغفار وعلى النبى اظهار للفضيلة والمدح قولا والنصرة والمعاونة فعلا وصلاة المؤمنين على غير النبى دعاء وعلى النبى طلب الشفاعة قولا واتباع السنة فعلا { يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه } اعتنوا انتم ايضا بذلك فانكم اولى به { وسلموا تسليما } بان تقولوا اللهم صل على محمد وسلم او صلى الله عليه وسلم بان يقال اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم لقوله عليه السلام

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد