الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }

{ هو الذى } اوست آن خداونديكه { يصلى عليكم } يعتنى بكم بالرحمة والمغفرة والتزكية والاعتناء عنايت ورعايت داشتن { وملائكته } عطف على المستكن فى يصلى لمكان الفصل المغنى عن التأكيد بالمنفصل اى ويعتنى ملائكته بالدعاء والاستغفار فالمراد بالصلاة المعنى المجازى الشامل للرحمة والاستغفار وهو الاعتناء بما فيه خيرهم وصلاح امرهم. وعن السدى قالت بنوا اسرائيل لموسى عليه السلام أيصلى ربنا فكبر هذا الكلام عليه فاوحى الله اليه ان قل لهم انى اصلى وان صلاتى رحمتى التى تطفئ غضبى " وقيل له عليه السلام ليلة المعراج قف يا محمد فان ربك يصلى فقال عليه السلام ان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى " انا الغنى عن ان اصلى لاحد وانما اقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى غضبى اقرأ يا محمد هو الذى يصلى عليكم وملائكته الآية فصلاتى رحمة لك ولامتك " فكانت هذه الآية الى قوله رحيما مما نزلت بقاب قوسين بلا وساطة جبريل عليه السلام. وفى رواية " لما وصلت الى السماء السابعة قال لى جبريل رويدا اى قف قليلا فان ربك يصلى قلت أهو يصلى قال نعم قلت وما يقول قال " سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتى غضبى " وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ان تذكرونى بذكر محدث فانى قد صليت عليكم بصلاة قديمة لا اول لها ولا آخر وانكم لولا صلاتى عليكم لما وفقتم لذكرى كما ان محبتى لو لم تكن سابقة على محبتكم لما هديتم الى محبتى واما صلاة الملائكة فانما هى دعاء لكم على انهم وجدوا رتبة الموافقة مع الله فى الصلاة عليكم ببركتكم ولولا استحقاقكم لصلاة الله عليكم لما وجدوا هذه الرتبة الشريفة. وفى عرائس البقلى صلوات الله اختياره للعبد فى الازل بمعرفته ومحبته فاذا خص وجعل زلاته مغفورة وجعل خواص ملائكته مستغفرين له لئلا يحتاج الى الاستغفار بنفسه لاشتغاله بالله وبمحبته. قال ابو بكر بن طاهر صلوات الله على عبده ان يزينه بانوار الايمان ويحليه بحيلة التوفيق ويتوجه بتاج الصدق ويسقط عن نفسه الاهواء المضلة والارادات الباطلة ويجعل له الرضى بالمقدور قال الحافظ
رضا بداده بده وزجبين كره بكشاى كه برمن وتو در اختيار نكشا دست   
{ ليخرجكم } الله تعالى بتلك الصلاة والعناية وانما لم يقل ليخرجاكم لئلا يكون للملائكة منه عليهم بالاخراج ولانهم لا يقدرون على ذلك لان الله هو الهادى فى الحقيقة لا غير { من الظلمات الى النور } الظلمة عدم النور ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق ونحوها كما يعبر بالنور عن اضدادها اى من ظلمات الجهل والشرك والمعصية والشك والضلالة والبشرية وصفاتها والخلقية الروحانية الى نور العلم والتوحيد والطاعة واليقين والهدى والروحانية وصفاتها والربوبية بجذبات تجلى ذاته وصفاته.

السابقالتالي
2