الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً }

{ وان كنتن تردن الله ورسوله } اى تردن رسوله وصحبته ورضاه وذكر الله للايذان بجلالته عليه السلام عنده تعالى { والدار الآخرة } اى نعيمها الذى لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا { فان الله اعد للمحسنات } مرزنان نيكو كارانرا { منكن } بمقابلة احسانهن ومن للتبيين لان كلهن محسنات اصلح نساء العالمين ولم يقل لكن اعلاما بان كل الاحسان فى ايثار مرضاة الله ورسوله على مرضاة انفسهن { اجرا عظيما } لا يعرف كنهه وغايته وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفى وصف التسريح بالجميل ولما نزلت هذه الآية بدأ عليه السلام بعائشة رضى الله عنها وكانت احب ازواجه اليه وقرأها عليها وخيرها فاختارت الله ورسوله ـ وروى ـ انه قال لعائشة رضى الله عنها انى ذا كرلك امرا احب ان لا تعجلى حتى تستأمرى ابويك اى تشاورى لما علم ان ابويها لا يأمر انها بفراقه عليه السلام قالت وما هو يا رسول الله فتلا عليها الاية فقالت أفى هذا استأمر ابوى بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة رسول را اين سخن ازو عجب آمد وبدان شاد شد واثر شادى بربشره مبارك وى بيدا آمد. ثم اختارت الباقيات اختيارها فلما آثرنه عليه السلام والنعيم الباقى على الفانى شكر الله لهن ذلك وحرم على النبى التزوج بغيرهن فقاللا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج } الآية كما سيأتى. واختلف فى ان هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق اليهن حتى يقع الطلاق باختيارهن او كان تخييرا لهن بين الارادتين على انهن ان اردن الدنيا فارقهن عليه السلام كما ينبئ عنه قولهفتعالين } الخ فذهب البعض الى الاول وقالوا لو اخترن انفسهن كان ذلك طلاقا ولذا اختلف فى حكم التخيير فانه اذا خير رجل امرأته فاختارت نفسها فى ذلك المجلس قبل القيام او الاشتغال بما يدل على الاعراض بان تقول اخترت نفسى وقعت طلقة بائنة عند ابى حنيفة ورجعية عند الشافعى وثلاث تطليقات عند مالك ولو اختارت زوجها لا يقع شئ اصلا وكذا اذا قامت من مجلسها قبل ان تختار نفسها انقطع التخيير باتفاقهم واختلفوا فيما اذا قال امرك بيدك فقال ابو حنيفة اذا قال امرك بيدك فى تطليقة فاختارت نفسها يقع طلقة رجعية وان نوى الثلاث صح فلو قالت اخترت واحدة فهى ثلاث وهو كالتخيير يتوقف على المجلس. وفى الآية اشارتان. الاولى ان حب الدنيا وزينتها موجب للمفارقة عند صحبة النبى عليه السلام لازواجه مع انهن محال النطفة الانسانية فىعالم الصورة ليعلم ان حب الدنيا وزينتها آكد فى ايجاب المفارقة عن صحبة النبى عليه السلام لامته لان ارحام قلوبهم محل النطفة الروحانية الربانية فينبغى ان يكون اطيب وازكى لاستحقاق تلك النطفة الشريفة فان الطيبات للطيبين

السابقالتالي
2