الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }

{ قل } بيانا للحق وردا على زعمهم الباطل { يتوفاكم ملك الموت } التوفى اخذ الشئ تاما وافيا واستيفاء العدد. قال فى الصحاح توفاه الله قبض روحه والوفاة الموت. والملك جسم لطيف نورانى يتشكل باشكال مختلفة. قال بعض المحققين المتولى من الملائكة شيئا من السياسة يقال له ملك بالفتح ومن البشر يقال له ملك بالكسر فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا بل الملك هم المشار اليهم بقوله فالمدبرات فالمقسمات والنازعات ونحو ذلك ومنه ملك الموت انتهى. والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة. والمعنى يقبض عزرائيل ارواحكم بحيث لا يترك منها شيئا بل يستوفيها ويأخذها تماما على اشد ما يكون من الوجوه وافظعها من ضرب وجوهكم وادباركم او يقبض ارواحكم بحيث لا يترك منكم احدا ولا يبقى شخصا من العدد الذى كتب عليهم الموت واما ملك الموت نفسه فيتوفاه الله تعالى ـ كما روى ـ انه اذا امات الله الخلائق لم يبق شئ له روح يقول الله لملك الموت من بقى من خلقى وهو اعلم فيقول يا رب انت اعلم بمن لم يبقى الاعبدك الضعيف ملك الموت فيقول الله يا ملك الموت قد اذقت انبيائى ورسلى واوليائى وعبادى الموت وقد سبق فى علمى القديم وانا علام الغيوب ان كل شئ هالك الا وجهى وهذه نوبتك فيقول الهى ارحم عبدك ملك الموت وألطف به فانه ضعيف فيقول سبحانه وتعالى ضع يمينك تحت خدك الايمن واضطجع بين الجنة والنار ومت فيموت بامر الله تعالى. وفى الآية رد للكافرين حيث زعموا ان الموت من الاحوال الطبيعية العارضة للحيوان بموجب الجبلة { الذى وكل } التوكيل ان تعتمد على غيرك وتجعله نائبا عنك وبالفارسية وكيل كردن كسى را بر جيزى كما شتن وكاربا كسى كذاشتن { بكم } اى بقبض ارواحكم واحصاء آجالكم { ثم الى ربكم ترجعون } تردون بالبعث للحساب والجزاء وهذا معنى لقاء الله. واعلم ان الله تعالى اخبر ههنا ملك الموت هو المتوفى والقابض وفى موضع انه الرسل اى الملائكة وفى موضع انه هو تعالى فوجه الجمع بين الآى ان ملك الموت يقبض الارواح والملائكة اعوان له يعالجون ويعملون بامره والله تعالى يزهق الروح فالفاعل لكل فعل حقيقة والقابض لارواح جميع الخلائق هو الله تعالى وان الملك الموت واعوانه وسائط. قال ابن عطية ان البهائم كلها يتوفى الله ارواحها دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها وكذلك الامر فى بنى آدم الا ان لهم نوع شرف بتصرف ملك الموت والملائكة معه فى قبض ارواحهم. قالوا ان عزرائيل يقبض الارواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد فهو حالة مختصة به كما ان لوسوسة الشيطان فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة مختصة به.

السابقالتالي
2 3