الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ يا بنىّ اقم الصلاة } التى هى اكمل العبادات تكميلا لنفسك من حيث العمل بعد تكميلها من حيث العلم والاعتقادات لان النهى عن الشرك فيما سبق قد تضمن الامر بالتوحيد الذى هو اول ما يجب على الانسان. وفى التأويلات النجمية ادمها وادامتها فى ان تنتهى عن الفحشاء والمنكر فان الله وصف الصلاة بانها تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن كان منتهيا عنهما فانه فى الصلاة وان لم يكن على هيئتها ومن لم يكن منتهيا عنهما فليس فى الصلاة وان كان مؤديا هيئتها انتهى. ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار اى بسر روزه كه دارى جنان دار كه شهوت ببرد نه قوت ببرد وضعيف كند تاازنماز بازمانى كه بنزديك خدانماز دوستر ازروزه وذلك لان الصوم والرياضات لاصلاح الطبيعة وتحسين الاخلاق واما الصلاة فلا صلاح النفس التى هى مأوى كل شر ومعدن كل هوى وما عبد اله ابغض الى الله من الهوى { وأمر بالمعروف } بالمستحسن شرعا وعقلا وحقيقته ما يوصل العبد الى الله { وانه عن المنكر } اىعن المستقبح شرعا وعقلا تكميلا لغيرك وحقيقته ما يشغل العبد عن الله { واصبر } الصبر حبس النفس عما يقتضى الشرع او العقل الكف عنه { على ما اصابك } من الشدائد والمحن كالامراض والفقر والهم والغم لا سيما عند التصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر من اذى الذين تأمرهم بالمعروف وتبعثهم على الخير وتنهاهم عن المنكر وتزجرهم عن الشر { ان ذلك } المذكور من الوصايا وهو الامر والنهى والصبر { من عزم الامور } العزم والعزيمة عقد القلب على امضاء الامر وعزم الامور ما لا يشوبه شبهة ولا يدافعه ريبة. وفى الخبر من صلى قبل العصر اربعا غفر الله له مغفرة عزما اى هذا الوعد صادق عزيم وثيق وفى دعائه عليه السلام { اسألك عزائم مغفرتك } اى اسألك ان توفقنى للاعمال التى تغفر لصاحبها لا محالة واطلق المصدر اى العزم على المفعول اى المعزوم. والمعنى من معزومات الامور ومقطوعاتها ومفروضاتها بمعنى مما عزمه الله اى قطعه قطع ايجاب وامر به العباد امرا حتما ويجوز ان يكون بمعنى الفاعل اى من عازمات الامور وواجباتها ولازماتها من قوله فاذا عزم الامر اى جد. وفى هذا دليل على قدم هذه الطاعات والحث عليها فى شريعة من تقدمنا وبيان لهذه الامة ان من امر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغى ان يكون صابرا على ما يصيبه فى ذلك ان كان امره ونهيه لوجه الله لانه قد اصابه ذلك فى ذات الله وشانه. واشارة الى ان البلاء والمحنة من لوازم المحبة فلا بد للمريد الصادق ان يصبر على ما اصابه فى اثناء الطلب مما ابتلاه الله به من الخوف من الاعداء فى الظاهر والباطن الجزع من الجوع الظاهر عند قلة الغذاء للنفس ومن الباطن عند قلة الكشوف والمشاهدات التى هى غذاء للقلب ونقص من الاموال والانفس من مفارقة الاولاد والاهالى والاخوان والاخدان والثمرات.

السابقالتالي
2 3