الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ فانظر الى آثار رحمة الله } الخطاب وان توجه نحو النبى عليه السلام فالمراد به جميع المكلفين والمراد برحمة الله المطر لانه انزله برحمته على خلقه. والمعنى فانظروا الى آثار المطر من النبات والاشجار وانواع الثمار والازهار والفاء للدلالة على سرعة ترتب هذه الاشياء على تنزيل المطر { كيف يحيى } اى الله تعالى { الارض } بالآثار { بعد موتها } اى يبسها. قال فى الارشاد كيف الخ فى حيز النصب بنزع الخافض وكيف معلق لانظراى فانظروا الى الاحياء البديع للارض بعد موتها والمراد بالنظر التنبيه على عظيم قدرته وسعة رحمته مع ما فيه من تمهيد امر البعث { ان ذلك } العظيم الشأن الذى قدر على احياء الارض بعد موتها { لمحيى الموتى } لقادر على احيائهم فى الآخرة فانه احداث لمثل ما كان من مواد ابدانهم من القوى الحيوانية كما ان احياء الارض احياء لمثل ما كان فيها من القوى النباتية { وهو على كل شى قدير } اى مبالغ فى القدرة على جميع الاشياء التى من جملتها احياء قالب الانسان بعد موته فى الحشر ومن احياء قلبه بعد موته فى الدنيا لان نسبة قدرته الى جميع الممكنات على سواء رجع كل شئ الى قدرته فلم يعظم عليه شئ فقدره الله الكاملة بخلاف قدرة العبد فانها مستفادة من قدرة الله تعالى
تعالى الله زهى قيوم ودانا توانايى ده هر ناتوانا   
وسيجئ ان الانسان خلق من ضعف فالله تعالى اقدره وقواه. اعلم ان الله سبحانه زين الارض بآثار قدرته وانوار فعله وحكمته فانبت الخضرة واضاء الزهر وتجلى فى صورها لا عين العارفين الذين شاهدوا الله تعالى بنعت الحسن ولذا قال الشيخ المغربى
مغربى زان ميكند بكلشن كاندر او هرجه را رنكى وبويى هست رنك وبوى اوست   
وسأل بنوا اسرائيل موسى عليه السلام هل يصبغ ربك قال نعم يصبغ الوان الثمار والرياحين الاحمر والاصفر والابيض والصباغ يقدر بان يسود الابيض ولا يقدر بان يبيض الاسود والله تعالى يبيض الشعر الاسود والقلب الاسود ومن احسن من الله صبغة. خرج ابو حفص قدس سره الى البستان ائتمارا بقوله تعالى { فانظر الى آثار رحمة الله } فاضافه مجوسى فى بستان له فلما علم ان قلوب اصحابه نظرت الى بستان المجوسى قال اقرأواكم تركوا من جنات وعيون } الآية ولما اراد ان يخرج ابو حفص اسلم المجوسى وثمانية عشر من اولاده واقربائه فقال ابو حفص اذا خرجتم لاجل التفرج فاخرجوا هكذا اشار قدس سره الى ان هذا الخروج ليس مع النفس والهوى والا لم يكن له اثر محمود. ثم انه يلزم للإنسان ان ينظر بعين ظاهره الى زهرة الدنيا وبعين قلبه الى فنائها ويعتبر ايام الربيع بانواع الاعتبار وفى الحديث

السابقالتالي
2 3