الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ فأقم وجهك للدين } الاقامة برياى كردن وراست كردن كما فى تاج المصادر والوجه الجارحة المخصوصة وقد يعبر به عن الذات كما فى قولهومن يسلم وجهه } والدين فى الاصل الطاعة والجزاء واستعير للشريعة. والفرق بينه وبين الملة اعتبارى فان الشريعة من حيث انها يطاع لها وينقاد دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة. والاملال بمعنى الاملاء وهو ان يقول فيكتب آخر عنه واقامة الوجه للدين تمثيل لاقباله على الدين واستقامته واهتمامه بترتيب اسبابه فان من اهتم بشئ محسوس بالبصر عقد عليه طرفه ومد اليه نظره وقوّم له وجهه مقبلا عليه. والمعنى فاذا كان حال المشركين اتباع الهوى والاعراض عن الهدى فقوّم وجهك يا محمد للدين الحق الذي هو دين الاسلام وعدله غير ملتفت يمينا وشمالا وبالفارسية يس راست دار اى محمد روى خود دين را { حنيفا } اى حال كونك مائلا اليه عن سائر الاديان مستقيما عليه لا ترجع له عنه الى غيره ويجوز ان يكون حالا من الدين. قال فى القاموس الحنيف الصحيح الميل الى الاسلام الثابت عليه. وفى المفردات الحنف ميل عن الضلال الى الاستقامة وتحنف فلان تحرى طريق الاستقامة وسمت العرب كل من اختتن او حج حنيفا تنبيها على انه على دين ابراهيم عليه السلام. ومن بلاغات الزمخشرى الجودو الحلم حاتمى واحنفى. والدين والعلم حنيفى وحنفى اى الجود منسوب الى حاتم الطائى والحلم الى احنف بن قيس كما ان الدين منسوب الى ابراهيم الحنيف والعلم الى ابى حنيفة رحمه الله. وقال بعضهم فى الآية الوجه ما يتوجه اليه وعمل الانسان ودينه مما يتوجه الانسان اليه لتسديده واقامته. فالمعنى اخلص دينك وسدد عملك مائلا اليه عن جميع الاديان المحرفة المنسوخة { فطرت الله } الفطرة الخلقة وزنا ومعنى وقولهم صدقة الفطرة اى صدقة انسان مفطور اى مخلوق فيؤول الى قولهم زكاة الرأس والمراد بالفطرة ههنا القابلية للتوحيد ودينّ الاسلام من غير اباء عنه وانكار له. قال الراغب فطرة الله ما فطر اى ابدع وركز فى الناس من قوتهم على معرفة الايمان وهو المشار اليه بقوله تعالىولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } وانتصابها على الاغراء اى الزموا فطرة الله والخطاب للكل كما يفصح عنه قوله منيبين اليه والافراد فى اقم لما ان الرسول امام الامة فامره مستتبع لامرهم والمراد بلزومها الجريان على موجبها وعدم الاخلال به باتباع الهوى وتسويل الشيطان { التى فطر الناس عليها } صفة لفطرة الله مؤكدة لوجوب الامتثال بالامر فان خلق الله الناس على فطرته التى هى عبارة عن قبولهم للحق وتمكنهم من ادراكه او عن ملة الاسلام من موجبات لزومها والتمسك بها قطعاً فانهم لو خلوا وما خلقوا عليه ادى بهم اليها وما اختاروا عليها دينا آخر ومن غوى منهم فباغواء شياطين الانس والجن ومنه قوله عليه السلام حكاية عن ب العزة كل عبادى خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وامروهم ان يشركوا بى غيرىوالاجتيال بالجيم الجول اى استخفتهم فجالوا معها يقال اجتال الرجل الشئ ذهب به وساقه كذا فى تاج المصادر قال ابن الكمال فى كتابه المسمى بنكارستان

السابقالتالي
2 3