الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ ان الذين يشترون } اى يستبدولن ويأخذون { بعهد الله } اى بدل ما عاهدوا عليه من الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والوفاء بالامانات { وايمانهم } وبما حلفوا به من قولهم لنؤمنن به ولننصرنه { ثمنا قليلا } هو حطام الدنيا { اولئك } الموصوفون بتلك الصفات القبيحة { لاخلاق } لا نصيب { لهم فى الآخرة } ولا فى نعيمها { ولا يكلمهم الله } وهو كناية عن شدة غضبه وسخطه نعوذ بالله من ذلك { ولا ينظر اليهم يوم القيامة } وهو مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم { ولا يزكيهم } اى لا يثنى عليهم كما يثنى على اوليائه مثل ثناء المزكى للشاهد. والتزكية من الله تعالى قد تكون على ألسنة الملائكة كقوله تعالىوالملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } الرعد 23. وقد تكون بغير واسطة اما فى الدنيا فكقوله تعالىالتائبون العابدون } التوبة 112. واما فى الآخرة فكقوله تعالىسلام قولا من رب رحيم } يس 58. { ولهم عذاب أليم } على ما فعلوه من المعاصى. والآية نزلت فى اليهود الذين حرفوا التوارة وبدلوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واخذوا الرشوة على ذلك { وان منهم } اى من اليهود المحرفين { لفريقا } ككعب بن الاشرف ومالك بن الصيف واضرا بهما { يلوون } من اللى وهو الفتل { ألسنتهم بالكتاب } اى يفتلونها بقراءته فيميلونها من المنزل الى المحرف { لتحسبوه } اى المحرف المدلول عليه يلوون { من الكتاب } اى من جملته { وما هو من الكتاب } حال من الضمير المنصوب اى والحال انه ليس منه فى نفس الامر وفى اعتقادهم ايضا { ويقولون } مع ما ذكر من اللى والتحريف على طريقة التصريح لا بالتوراة والتعريض { هو } اى المحرف { من عند الله } اى منزل من عند اله { وما هو من عند الله } اى والحال انه ليس من عنده تعالى فى اعتقادهم ايضا { ويقولون على الكذب وهم يعملون } انهم كاذبون ومفترون على الله وهو تأكيد وتسجيل عليهم بالكذب على الله تعالى والتعمد فيه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الاشرف وغيروا التوراة وكتبوا كتابا بدلوا فيه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اخذت قريظة ما كتبوا فخلطوه بالكتاب. والاشارة فى الآيتين { ان الذين يشترون بعهد الله } الذى عاهدهم الله به يوم الميثاق فى التوحيد وطلب الوحدة { وايمانهم } التى يحلفون بها ههنا { ثمنا قليلا } من متاع الدنيا وزخارفها مما يلائم الحواس الخمس والصفات النفسانية { اولئك لاخلاق لهم فى الآخرة } الروحانية من نسيم روائح الاخلاق الربانية { ولا يكلمهم الله } تقريبا وتكريما وتفهيما { ولا ينظر اليهم يوم القيامة } بنظر العناية والرحمة فيرحمهم ويزكيهم عن الصفات التى بها يستحقون دركات جهنم { ولا يزكيهم } عن الصفات الذميمة التى هى وقدود النار بالنار الى الابد ولا يتخلصون منها ابدا { ولهم عذاب اليم } فيما لا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم { وان منهم } اى من مدعى اهل المعرفة { لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب } اى بكلمات اهل المعرفة { لتحسبوه } من المعرفة { ما هو من الكتاب } الذى كتب الله فى قلوب العارفين { ويقولون هو من عند الله } يعنى من العلم اللدنى { وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب } باظهار الدعاوى عند فقدان المعانى { وهم يعلمون } ولا يعملون انهم يقولون ما لا يفعلون قال اسعدى قدس سره

السابقالتالي
2