الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ هو الذى انزل عليك الكتاب } اى القرآن { منه } اى من الكتاب { آيات محكمات } اى قطيعة الدلالة على المعنى المراد محكمة العبارة محفوظة من الاحتمال والاشتباه { هن ام الكتاب } اى اصل فيه وعمدة يرد اليها غيرها بالتاويل فالمراد بالكتاب كله والاضافة بمعنى فى { واخر } اى ومنه آيات اخر { متشابهات } اى محتملات لمعان متشابهة لا يمتاز بعضها من بعض فى استحقاق الارادة بها لا يتضح الامر الا بالنظر الدقيق والتأمل الانيق فالتشابه فى الحقيقة وصف للمعانى وصف به الآيات على طريقة وصف الدال بوصف المدلول. واعلم ان اللفظ اما ان لا يحتمل غير معنى واحد او يحتمل. والاول هو النص كقوله تعالىوالهكم إله واحد } البقرة 153. والثاني اما ان تكون دلالته على مدلولية او مدلولاته متساوية اولا والاول هو المجمل كقوله تعالى { ثلاثة قروء }. واما الثاني فهو بالنسبة الى الراجح ظاهر كقوله تعالىولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } النساء 22. وبالنسبة الى المرجوح مؤول كقوله تعالىيد الله فوق أيديهم } الفتح 10. والنص والظاهر كلاهما محكم والمجمل والمؤول متشابه وهو كقوله تعالىفاينما تولوا فثم وجه الله } البقرة 115. قد رد الى قوله تعالىوحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } البقرة 150. ثم أن الله تعالى جعل القرآن كله محكما في قولهالر كتاب أحكمت آياته } هود 1. ومعناه ان كله حق لاريب فيه ومتقن لا تناقض فيه ومحفوظ من اعتراء الخلل او من النسخ. وجعله كله متشابها فى قولهكتاباً متشابهاً مثانى } الزمر 23. ومعناه يشبه بعضه بعضا فى صحة المعنى وجزالة النظم وحقيقة المدلول وجعل بعضه محكما وبعضه متشابها فى هذه الآية وقد سبق وانما لم يجعل الله القرآن كله محكما لما فى المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه كابتلاء بنى اسرائيل بالنهر فى اتباع نبيهم ولان النظر فى المتشابه والاستدلال لكشف الحق يوجب عظم الاجر ونيل الدرجات عند الله { فاما الذين فى قلوبهم زيغ } اى ميل عن الحق الى الاهواء الباطلة { فيتبعون ما تشابه منه } معرضين عن المحكمات اي يتعلقون بظاهر المتشابه من الكتاب او بتاويل باطل لاتحريا للحق بعد الايمان بكونه من عند الله تعالى بل { ابتغاء الفتنة } اى طلب ان يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس ومناقضة المحكم بالمتشابة { وابتغاء تأويله } اى طلب ان يؤولوه حسبما يشتهونه من التأويلات الزائغة والحال انهم بمعزل من تلك الرتبة وذلك قوله عز وجل { وما يعلم تأويله } اى تأويل المتشابه { الا الله والراسخون فى العلم } اي لا يهتدى الى تأويله الحق الذى يجب ان يحمل عليه الا الله وعباده الذين رسخوا فى العلم اى ثبتوا فيه وتمكنوا اوفوضوا فيه لنص قاطع ومنهم من يقف على قوله { الا الله } ويبتدىء بقول { والراسخون فى العلم يقولون آمنا به } ويفسرون المتشابه بما أستاثر الله بعلمه وبمعرفة فيه من آياته كعدد الزبانية فى قوله

السابقالتالي
2